تجاهل مشاعر الآخرين يفقد الانسان احساسه بأهمية الناس


يرى اختصاصي علم النفس، الدكتور موسى مطارنة، أن لا مبالاة الناس بما يصيب الآخرين مردها اختلاط الثقافات والمجتمعات وعدم تجانسها، وضعف الشعور الإنساني وتراجع التكاتف الاجتماعي بين الناس.
ويضيف أن لهذه التصرفات السلبية تأثيرا نفسيا كبيرا؛ حيث يفقد الإنسان إحساسه بأهمية الناس وقيمتهم، لاسيما وأن مشاركة الناس في المناسبات، وخصوصا الأتراح لها تأثير نفسي كبير؛ حيث تولد مشاركة الآخرين أفراحهم وأتراحهم، لشعورهم بالأمان والاطمئنان النفسي، وتجعلهم يشعرون بأن هناك أشخاصا يساندونهم، وهو ما يجعلهم يرون الدنيا بعين الأمل، ويمنحهم القدرة والصبر على تحمل المصاب.
الإحساس بعدم المبالاة والاحترام من قبل الآخرين، وفق مطارنة، يجعل الإنسان يشعر بعدم الأمان، ويفقده التوازن، ويؤلمه كثيرا، وهو ما يجعله يفرز حالة من الكره للآخرين، وعدم الإيمان بوجود الناس من حوله، خصوصا عند وقت الحاجة.
ويعتبر مطارنة تجاهل مشاعر الآخرين وعدم الاهتمام بها أمرا مؤثرا اجتماعيا ونفسيا، ويرى أن هذا السلوك ليس من الدين والأخلاق العربية التي امتازت دوما بالمحبة والمودة والاحترام، والتي تدعو إلى المؤانسة، عازيا ذلك إلى خلخلة العلاقات الانسانية والروابط الاجتماعية، وضعف الشعور الإنساني بوجه عام.
الثلاثينية دينا مقداد، من ناحيتها، تتساءل في حيرة كيف يفكر الناس، وكيف يشعرون في هذه الأيام، لافتة إلى أن الكثير من الأشخاص يعيشون بدون مشاعر إنسانية.
وتضيف "المصائب هي أكثر اللحظات التي نحتاج فيها إلى الناس"، مبينة أنه رغم ما تمر به من ضغط وتوتر نفسي بسبب مرض زوجها إلا أن ما تستغربه إهمال من حولها لظروفها، وتردّدهم إلى بيتها، بدون مراعاة لحالة زوجها، وكأن شيئًا لم يكن.
وتصف مقداد مشاعر الحقد والكراهية التي تسيطر عليها عندما ترى من حولها وهم لا يأبهون لما يمر به زوجها، وكأنهم مجردون من المشاعر والأحاسيس.
وفي هذا الشأن، يجد اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين محادين، أن المجتمع الأردني تغيرت الكثير من عاداته وتقاليده بحكم الحداثة؛ حيث تحول من مجتمع يتسم بالتجانس في العلاقات الوجاهية والعلاقات التي تدعو إلى احترام الكبار والجيران والأصدقاء كواحدة من القيم العليا في المجتمع، إلى مجتمع غير متجانس تغيب فيه العلاقات الوجاهية التي تجعل الناس متكاملين لاسيما في حالات الأتراح.
ويرى أن ضعف العلاقات الاجتماعية سببه تضخم الأنا الذي يؤدي إلى ضعف العلاقات الأولية بين الجيران، حتى أصبحت المشاعر التي يفترض أن تعزز الروابط الإنسانية ومكونات المجتمع، مجرد مشاعر فاترة وباهتة، وتفتقد إلى البُعد الاجتماعي والإنساني الذي ظلت تتصف به عبر عصور طويلة.
ويبين أن المصائب وما يحدث من مشاكل وأحزان لأفراد المجتمع أصبحت حالات فردية، لا تعني إلا صاحب المصيبة وبعض الأقرباء، خصوصا مع وجود التكنولوجيا وانتشارها؛ حيث أصبح الناس يعزّون بعضهم بعضا عبر مواقع التواصل الاجتماعي والرسائل الإلكترونية، إضافة إلى انشغال الناس بذواتهم الفردية.
هذه الأسباب، وفق محادين، جعلت العلاقات الاجتماعية، في الأتراح تحديدا، في حالة ضعف، بعد تخليها عن القيم العربية، القائمة على التكاتف والتعاضد.
ويصف تراجع التراحم بين الناس بأنه حالة مصاحبة لطبيعة التغيرات الحداثية التي يمر بها المجتمع، بصورة "موجعة" بالمعنى الإنساني.




هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق