هاتفك الذكي يتجسس عليك.. حتى وهو مغلق



في زمن الهاتف الذكي هل انتهى عصر الخصوصية؟ هل حقا هذا الهاتف الذكي، الذي لا يفارق جيوبنا وأيدينا على مدار الساعة، هو جاسوس ذكي يدس أنفه في أدق خصوصيتنا ويعرف أدق أسرارنا؟

قد ينتابك القلق عندما تعرف أن هاتفك الذكي يمكنه التجسس عليه حتى وهو مغلق، لكن ستصاب بالرعب حتما عندما تعرف أنه يمكنه التجسس عليك حتى بعد أن تسحب الشريحة منه طالما أن البطارية في داخله.. ولمزيد من الرعب والهلع ربما تحتاج إلى قراءة التحقيق التالي.

ما إن تكتب على موقع يوتيوب الشهير عبارة «تجسس الهاتف الذكي» حتى تجد أمامك كما هائلا من الكليبات تقدم لك معلومات مرعبة تشير إلى أن تلك الهواتف الذكية ما هي إلا جواسيس نضعها في جيوبنا أو نحملها في أيدينا.

يقدم أحد هذه الأفلام طريقة السيطرة على هاتفك الذكي وكيف يقوم بالتجسس على مكالمتك وأسرارك المخزنة داخل الهاتف. والخطير أن الفيلم يشير إلى أن الهاتف الذكي يمكنه التجسس عليك حتى وهو مغلق، أو حتى عندما تنزع منه الشريحة طالما كانت البطارية في داخله. ويشير فيلم آخر إلى إمكان سيطرة أحد الهاكرز المحترفين على كاميرا هاتفك والتصوير بها من دون معرفتك.



آلة تجسس عن بعد

أستاذ تكنولوجيا المعلومات في جامعة الكويت د. محمد الملا يشير إلى أن الخطورة ليست فقط في تجسس بعض الحكومات على مواطنيها، لكن للخطر وجوه عدة. يقول:

- هناك تقارير عديدة نشرت في وسائل الإعلام تبين أن بعض الحكومات تتجسس على اجهزة الهواتف الذكية لبعض مواطنيها، لكن الاخطر من ذلك هو ان الهاكر المحترف، سواء كان يعمل بمفرده أو يعمل لمصلحة جهة ما، يستطيع ان يحول الهاتف الذكي إلى آلة تجسس افتراضية يتحكم فيها عن بعد. وإذا كانت الهواتف الذكية تستخدم هذه الايام في كل شيء تقريباً: كالدردشة مع الاصدقاء، تفحص البريد الالكتروني، اجراء العمليات المصرفية والدفع الالكتروني، علينا ان نعرف حجم الخطر الناتج من اختراق الهاتف الذكي.

كثير من المعلومات عن حياتنا الشخصية والمهنية اصبحت اليوم متاحة على الهاتف الذكي، ومن خلال هذه المعلومات يستطيع الهاكر معرفة مكان عمل ضحيته وأدق التفاصيل عن اهله واصدقائه وخصوصياته، يمكن لهاتف مقرصن ان يرسل بيانات عن موقعه ورسائل نصية اخرى للهاكر، الذي يستطيع بدوره تشغيل كاميرا الهاتف الذكي عن بعد وتصوير ما يحلو له عن الضحية.



كيف يتجسس علينا؟

لكن كيف تتجسس هواتفنا الذكية علينا؟

يجيب د. الملا قائلا:

- كل ما يحتاج الهاكر فعله هو تحميل برامج خبيثة ضمن احد التطبيقات او الالعاب المطورة بسهولة هذه الايام مثل لعبة «الطيور الغاضبة» المشهورة على نطاق عالمي وارسالها الى الهاتف المستهدف. وعند تثبيت مستخدم الهاتف للتطبيق او للعبة مسلية على جهازه، يصبح ضحية لهذا الهاكر من دون ان يعرف بما يجري داخل الجهاز من ارسال بيانات حساسة وخصوصية عنه للهاكر.

إحدى الطرق لمعرفة ما اذا كانت اللعبة (أو التطبيق) التي يتم تشغيلها مقرصنة ببرمجيات خبيثة، هي عندما يطلب هذا التطبيق أو اللعبة الوصول واستخدام الكاميرا او قائمة الاتصال (Contact list)، وأفضل نصيحة لحماية هاتفك الذكي هي ان تقوم بتحميل التطبيق او اللعبة من الموقع الرسمي للشركة المطورة لهذا التطبيق او اللعبة مباشرة، بدلا من تحميلها من موقع وسيط.



احترس من المقاطع الخبيثة

ويشير د. الملا إلى ان كثيرا من الشركات تبيع هذه التطبيقات أو الالعاب الملغومة بالبرامج الخبيثة من دون التأكد من مضمونها، فيقول:

- من السهل اليوم تصميم برمجيات تتضمن هذه المقاطع الخبيثة، ولا تشترط الاخيرة من هذه البرامج المقرصنة والمضيفة لها أن تشتغل لكي تقوم المقاطع الخبيثة بدورها التجسسي، بل لا تتطلب حتى تشغيل جهاز الهاتف الذكي طوال الوقت، فيمكن ان ترصد كل تحركات الضحية واستخداماته للهاتف الذكي وتخزنها في الذاكرة وتقوم بارسال محتويات الذاكرة في وقت آخر حين يتم تشغيل الجهاز لاحقا.

الأخطر أن الكثير من مقاطع الفيديو التي تنتشر على اليوتيوب تعلم الشباب كيفية تطوير المقاطع الخبيثة وكيفية حقنها في التطبيقات والالعاب، وهذا جعل من الصعب حماية الاجهزة الذكية من مخاطر وأنشطة القراصنة إلا بطرق احترافية.

على سبيل المثال اكتشف احد مطوري الاندرويد تطبيقا يدعى (Carrier IQ) وهو مطور ليعمل في معظم اجهزة الهواتف الذكية، حيث انه لا يقوم فقط برصد اماكن تواجد مستخدم الهاتف الذكي، بل حتى برصد وتخزين كل كبسة زر على الهاتف وبشكل سري ولا يمكن للمستخدم اخذ اي اجراء امام هذا التصرف. وتعلل الشركة المطورة لها التطبيق أنها ترغب في الحصول على رصد غير مسبوق لكل استخدامات زبائنها لأجهزة هواتفهم الذكية، بهدف تحسين خدمات شركات تصنيعها وشركات تطوير البرمجيات الخاصة بها.

هناك اطنان من التطبيقات تطلب منك عند تشغيلها الإذن بارسال بعض البيانات الى الشركة المطورة، فان كنت ممن يهتم بموضوع الخصوصية، تجيب بـ «لا» وتمضي للمرح في استخدام التطبيق، لكن Carrier IQ لا يمنح المستخدم حتى فرصة الاختيار فلا يبالي بسؤال المستخدم عن امكان ارسال البيانات المرصودة، وان لم تكن عزيزي القارئ ممن يتفحص قائمة البرامج المشغلة بين الحين والاخر فلا فرصة لديك لمعرفة البرامج التي تقوم بالتجسس عليك من دون علمك.



تنصت أم تجسس؟

رئيس الجمعية الكويتية لتقنية المعلومات عبد اللطيف العبد الرزاق يؤكد أن ثمة التباس بين التنصت على الهاتف والتجسس عليه:

- هناك التباس في أذهان الكثيرين لا بد من توضيحه، فالتنصت الذي نشرت عنه وسائل الإعلام من قبل اجهزة الاستخبارات على الهواتف الذكية عمل تقوم به دول واجهزة استخبارات وليس في مقدور أفراد او هاكرز، ونعني بالتنصت أنه يمكن تتبع مكالمات الأفراد، بمعنى معرفة مع من تكلم صاحب الهاتف أو من اتصل به وربما تسجيل المكالمة، وهو جهد كبير ليس في متناول الافراد.

وتسجيل المكالمات أو معرفة بعض المعلومات عنها أمر ممكن، وكل شركات الاتصالات في العالم لديها معلومات وبيانات تحتفظ بها عن أي صاحب هاتف مشترك لديها، ويمكن الحصول على هذه المعلومات سواء بطريقة مباشرة أو بطريق آخر.

لكن موضوع التجسس مختلف، وهو إمكان الوصول إلى البيانات الخاصة بك في هاتفك الذكي، وهنا يتعلق الأمر بالخصوصية، كان ينتشر في السابق بعض الألعاب التي جرى استغلالها بطريقة خبيثة وهي بمنزلة حصان طروادة تدخل إلى هاتفك الذكي من اجل التجسس عليه واستغلال بعض الاشياء في جهازك، وهذه المحاولات رغم تداركها من قبل الشركات فإنها موجودة وستظل موجودة بالطبع.





كيف تحمي خصوصيتك؟

يشير العبد الرزاق إلى أن حماية الهاتف الذكي من الوقوع في شرك أشخاص أو جهات سيئة، أمر ممكن:

- النصيحة التي أوجهها الى الكثيرين هي: استخدم عقلك قبل الدخول إلى جانب معين، وأن تعرف عند الدخول إلى منطقة ما إذا كانت خطرة أم لا، وان الأشياء التي تقوم بها تتحمل مسؤوليتها، والإنسان يجب أن يكون حريصا وأن يبتعد عن الأشياء غير الموثوق بها.

عندما تضع نقودك داخل محفظتك فانت في النهاية مسؤول عنها، وعندما تفقدها فانت المسؤول الأول، لذا يجب أن تكون حريصا وحذرا. ثم أن القوانين المتعلقة بالأمور الإلكترونية في الكويت، على الرغم من أنها لم تستكمل بعد، ولكن هناك قوانين موجودة يجري من خلالها التعامل مع اشياء مثل التجسس واساءة استخدام الهاتف والتكنولوجيا.

والأمر في النهاية يتعلق بالخصوصية، كل إنسان له مستوى من الخصوصية، فالبعض خصوصيته عالية والآخر خصوصيته عادية، صاحب الخصوصية العالية يكون أكثر حرصا ويتخذ من الإجراءات ما يحول دون العبث بانتهاك خصوصيته من قبل أي فرد أو جهة ما.

ودائما أنصح بان يكون الإنسان حريصا على بياناته واسراره وخصوصياته، وفي الكثير من الأحيان ينسى البعض أن الهواتف الذكية تظل محتفظة بالبيانات حتى بعد مرور زمن طويل، وعندما تبيع الجهاز أو ترميه يظل محتفظا بالمعلومات، ولذا لا تستهن بالأمر فإما تحتفظ به وإما تدمره بطريقة آمنة تمحو معها كل أسرارك وبياناتك الشخصية لكي لا تقع في أيدي من ينتهك خصوصيتك.

محمد حنفي



هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق