كثيرا ما نسمع العديد من الأقوال التي تحض على الاجتهاد في العمل من أجل الوصول إلى النجاح. الأمر الذي جعل المرء يربط باستمرار بين قدرته على مواصلة العمل وبين إمكانية نجاحه. لكن إلى أي حد يمكننا اعتبار هذا الكلام من المسلمات؟
من المعلوم أن من يعمل بجد ويبذل قصارى طاقته تزيد احتمالية أن يحسن من دخله بشكل يوفر له حياة مريحة ومنعمة، حسب ما ذكر موقع "PTB" لكن هل هذا ما نريده من الحياة؟ هل ترغب بمواصلة العمل وبذل الجهد والتعب لسنوات أو ربما لعقود ليقال في النهاية بأنك تمكنت بالفعل من تخطي مصاعب الحياة التي أوقفت الكثيرين؟
مشكلة العمل بجد أنه أصبح مرادفا في عقل المرء لمصطلحات الكفاح والمعاناة والبذل. وعندما يكون الذهن مبرمجا بهذه الطريقة فإنه من الصعب جدا على المرء أن يتعرف على مكان القوة والإبداع لديه.
فضلا عن هذا فإن العمل بجد يعني ببساطة أنك لن تشعر بالسعادة والحماسة لشيء في الخمس أو ربما العشر سنوات المقبلة، إلى أن تتمكن من تحقيق طموحك. وحتى لو حققته، فإن احتمالية رفع سقف طموحك واردة بشدة، الأمر الذي يعني انتظار عشر سنوات أخرى قبل أن تسمح لنفسك بالاستمتاع بالحياة ولو بقدر معقول.
نعلم جميعا بأن هناك الكثير من الأشخاص الذين يبذلون كل ما في وسعهم في عملهم ولكنهم لا يصلون للنجاح الذي يريدونه ويبقى الفقر ملازما لهم مهما بلغ سعيهم للتخلص منه. هذه الحقيقة تقود المرء للتساؤل: طالما أن العمل الشاق ليس بالضرورة أن يصل بصاحبه للنجاح إذن ما الحل؟ والجواب أن تنتبه لأهمية أن تعمل ما تحب.
في كثير من الأحيان يوجه البعض جهودهم نحو أعمال لم تكن يوما ضمن خططهم، ولكنهم تبنوها فيما بعد لأسباب مختلفة كأن يكون احد معارفهم نجح بها وحقق أكثر مما كان يتوقع، أو لكونها الفرصة الوحيدة التي كانت متاحة أمامهم. هذه الأسباب وما شابهها تجعل المرء أقرب للآلة، فهو يريد فقط تحسين دخله على سبيل المثال، لذا نجده يعمل دون رغبة داخلية بالعمل نفسه، وهذا ما يزيد من متاعبه حتى وإن لم يشعر بهذا في الفترة الأولى، فإنه سيشعر به لاحقا.
على الجانب الآخر نجد بأن من يعمل في مجال يرغبه فإن سيكون مرتاحا حتى وإن اضطر لأن يعمل أكثر من 12 ساعة يوميا. بل إن استيقاظه مبكرا لن يكون ثقيلا عليه وإنما سيكون فرصة للاقتراب خطوة أخرى من تحقيق طموحه.
لعل أحد أهم الأمور التي يجب أن تكون بعين الاعتبار أن النجاح والوصول للهدف وتحقيق الطموح لا يمكن أن يتأتى لمن لا يملك الرغبة بما يعمل. هذا لا يعني أن من يحب عمله لن يواجه تحديات معينة، بل سيواجه وقد يتعرض للفشل عدة مرات ويعاود التقدم فيما بعد وهنا الفرق الجوهري، فالذي يعمل ما يحب حتى وإن تعرض للفشل فإنه سيعاود النهوض ويحاول مرة جديدة، بينما الذي يعمل بعمل لا يرغبه لن يحتمل الفشل، وإن احتمله مرة لن يحتمله الثانية.
لذا لو مررت بأيام شعرت بأن الطاقة المحركة بداخلك بدأت تبطئ على الرغم من أنك تحب ما تعمل، فاعلم بأن هذا ليس سوى حدث عارض لن يلبث أن يزول وتعود لسابق عهدك.
علاء علي عبد
0 التعليقات:
إرسال تعليق