وهم البصيرة: أعراض... وعواقب



إنّ نمط التقييمات الظنيّة هذا منتشر بين البشر انتشاراً واسعاً إلى درجة أن الباحثين يضعون له تسميةً خاصة: "وهم التبصر اللامتّسق Asymmetric insight illusion"، يتضمن هذا الوهم عنصرين رئيسين:

- نعتقد أننا نعرف فلاناً خيراً مما يعرفه الآخرون

- نعتقد أننا نعرف أنفسنا خيراً من معرفة الآخرين أنفسهم

وتبعاً لهذين الاعتقادين الأساسيين يأتي اعتقادان آخران هما:

- نعتقد أننا نعرف الآخرين خيراً مما يعرفنا الآخرون

- نعتقد أننا نعرف أنفسنا خيراً مما يعرفنا الآخرون

وحيث إنّ هذه المجموعة من الاعتقادات تقوم في العادة على وهم فإنّنا غالباً ما نغفل عن حقيقة أننا لا نملك المعطيات الكافية لتبرير تلك الاعتقادات.

بناءً على هذا الوهم فإننا نعتقد في بعض الأحيان أن أحدهم يكذب ويلفّق حتى لو لم يكن بإمكاننا التعرف على واقعة الكذب هذه تعرفاً مثبتاً.

وإليك ثلاث طرق أخرى يورطنا فيها هذا الوهم في مشكلات:

ثلاث من مشكلات التبصر الوهميّ

1- صبّ النصيحة والرأي صبّاً متسرعاً اقتحامياً

في بعض الأحيان نشعر باندفاعات ملحة لأن نقدم للآخرين نصحاً أو رأياً غير مطلوب، وقد تصل بنا الثقة والاندفاع إلى تجاهل الاستئذان قبل الإدلاء بما لدينا. يمكن أن تنجم هذه الاندفاعات –جزئياً- عن توهّم أننا نعرف ونتفهم ما لدى الآخرين من تجارب وإدراكات ونواحي ضعف.

عندما تشعر بهذا الاندفاع فلا تنصع له بل استخدمه كتذكرة لك لتفحص نفسك: هل تتصرف مستنداً إلى توهّم؟ تذكر: إن كنت لا تشعر به فهذا أدعى إلى الحذر منه.

2- صدّ النصيحة والرأي صدّاً متسرّعاً

عندما يقدّم الناس لنا التغذية الراجعة أو النصح –مطلوباً ام غير مطلوب- فإن وهم التبصر اللامتسق يمكن أن يقنعنا بأن هؤلاء الناصحين لا يكادون يفقهون الشأن الذي يخوضون فيه ولا يتفهمون من يتحدثون معه.

لسوء حظ متلقي النصيحة، إنّ مقدّم النصح يكون في بعض الأحيان يعرف عمّاذا يتحدث. إن الاندفاع لصدّ النصيحة قد يكون نابعاً من وهم أنك تعرف نفسك خيراً مما يمكن لأي أحد أن يعرفك.

3- التنافر بين أعضاء المجموعات التنافسية المريرة بين أفراد المجموعات يمكن أن تعيق عمل أفرادها معاً.

فتجد أحدهم يعتقد أن بقية أعضاء المجموعة يبطنون نفوساً مشاكسة أو شريرة، أو أسوأ من ذلك. وحتّى داخل المجموعات الكبيرة، حيث لا يعرف معظم الأعضاء الآخرين معرفة حسنة، فإنك تجد الأعضاء بالرغم من ذلك واثقين كل الثقة من رؤيتهم لنواقص الآخرين.

إنّ التفكير والسلوك المعتمد على هذه النماذج النمطية المعممة stereotypes كثيراً ما تنشأ بتأثير "وهم التبصّر اللامتّسق".


أخيراً:

هناك مصيدة بانتظارنا جميعاً. إنّ شعورنا القويّ بأن أحدهم يفعل أو يقول شيئاً لأنّه مضلل بوهم التبصر اللامتسق Asymmetric insight illusion، هذا الشعور نفسه قد يكون ناجماً عن وقوعنا نحن في شباك هذا الوهم.


ww11المصدر ـ مجلة عالم الإبداع



هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق