عام ألف وأربعمائة وواحد وثلاثون تسلم عرش الأزتيك الملك نيتزاوال كويوت أو هنغري كويوت. وكان شخصا مثقفا عرف بلقب الملك الفيلسوف.
فقد شجع العلوم وحفز الفنون.
و حوَّل جبل تيتزكوتزينغو المقدس إلى واحد من أهم الأماكن المقدسة لدى الأزتيك.
كانت الجبال و الهضاب مقدسة بالنسبة للشعوب القديمة على مدى آلاف السنين، فقد عاشت الآلهة فيها وتشكلت الغيوم فوقها و تتدفق الأمطار على جوانبها أنهارا و ينابيع. كان القدماء يؤمنون بأن الماء هبة من الآلهة.
كان وسط المكسيك مكان قاحل نسبيا والمياه التي تدفقت من جبال كتيتزكوتزينغو أساسية للمحاصيل الزراعية كالذرة الشامية.
كان الأزتيك مزارعين مجدين وكان نتزاوا كويوت يؤمن بالهطول الدائم للأمطار الواهبة للحياة.
كانت الجبال العظيمة وصخور الجبال الصغيرة وهضبة جبل تيتزكوتزينغو و هرم تينوتشيتلان كلها تشكل جزءا" من رموز الاستمرارية التي تأخذ الألباب ويقصدها المصلون
من أماكن بعيدة في العالم.
هناك تماثيل ومعابد صغيرة منتشرة حول الجبل.
المؤسف أنه عندما احتل الأسبان المكسيك دمروا كل ما عثروا عليه من معابد الوثنية. ومع ذلك يمكن أن تشاهد ما كانت عليه في الأصل.
هناك في أعلى قمة الجبل ينتصب وجه محفور يمثل الإله تلالوك الجاحظ العينين، إله المطر.
بالاضافة إلى الحجارة المهشمة كانت مكرسة لإلهة الذرة.
يمكن الآن إعادة تصوير جمالها الأصلي.
وعند أسفل الهضبة أقام الملك الكيوت حديقة
نباتية هادئة و مريحة.
إنها حديقة مليئة بالنباتات الطبية الغريبة.
لكن أروع ما يوجد هناك يقع بالتحديد على بعد مائة و ثمانين قدما" أسفل القمة، إنه طريق للمشاة و قناة صغيرة.
تنقل تلك القناة المياه من حول الجبل إلى أربع صخور منحوتة على شكل حمامات موجودة في الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب.
هناك يقوم ملك الأزتيك بطقوس لتطهير نفسه
في ذلك المكان الذي يرمز إلى الإلهة كالكيوتليكيو، آلهة الينابيع و الأنهار و البحيرات و المحيطات.
ولكن لماذا تكبد كل هذا الوقت والعناء لتحويل هذا الجبل؟
بين عامي ألف وأربعمائة وخمسين وألف وأربعمائة وأربعة وخمسين أصيب الأزتيك بالجفاف والمجاعة. ويبدو أنه خُيل لهم بأن الآلهة قد تخلت عنهم. عندما عادت الأمطار أراد نتزاوال كويوت أن يشكر الآلهة، فحول جبل تيتزكوتزينغو إلى هذا المكان المقدس المدهش لتأدية الطقوس اللازمة لمناجاة آلهتهم عبر محاولة لتجنب تعرضهم إلى جفاف فتاك كهذا في المستقبل.
كان أهم مواقع الأزتيك المقدسة في العاصمة تينوكتيتلان، هناك كانت الطقوس أكثر حسما من مجرد الاستحمام على جانب جبلٍ.
عند وصول الفاتحين الأسبان إلى تيوتي واكان عام ألف وخمسمائة وتسعة عشر، وجدوا هناك مدينة جميلة جدا" اعتقدوا فيها أنهم في حلم.
فأسموها البندقية الأمريكية.
تعود تلك المدينة إلى العام ألف وثلاثمائة وخمسة وعشرين، ميلادي فقد بنيت بالكامل على ضفاف بحيرة تكسكوكو. وكان فيها أكثر من مائتي ألف نسمة فكانت تعتبر أكبر مدينة في العالم.
وهي الآن مدفونة تحت مدينة المكسيك التي تعتبر إحدى أكبر المدن و أكثرها نشاطا" في عالمنا المعاصر. اكتشفت بقايا مدينة الأزتيك القديمة في السبعينيات تحت الميدان الرئيسي.
كشفت الحفريات عن ذلك الهرم العظيم الذي انتصب وسط أكثر المناطق قداسة لدى الأزتيك.
تم اكتشاف العديد من التماثيل الأصلية والديكورات. اكتشف علماء الآثار أن هناك ستة أهرامات أصغر حجما" داخل ذلك الهرم، بما يشبه الدمية الروسية تماما. فكلما وصل ملك جديد إلى العرش كان يبني هرما" أكبر وأفضل فوق السابق ومن حوله. أما اليوم فيستطيع الزائر مشاهدة بقايا هرم واحد فقط.
يدرك علماء الآثار اليوم أن عددها كان أكبر من ذلك. وقد كان الهرم الأكبر محاطا" بثمانين معبد ومقام. كهرم مونتزوما الشهير. لكن ذهول الأسبان أمام جمال المدينة لم يدم طويلا"، فقد اكتشفوا الغرض الحقيقي من وراء معبد تمبلو ماجور.
إنها القرابين البشرية بمعدلات لا تكاد تحصى وقد سجل الأسبان تلك الطقوس الوحشية رغم خوفهم مما رأوا.
رأوا رجالا يُجرون إلى أعلى الدرجات ليقدموا قرابين، والكهنة يقلبونهم على ظهورهم ويفتحون صدورهم لإخراج قلوبهم النابضة
ليقدمونها قرابين لأصنام أمامهم، ثم يدفعون بالجثة نحو أسفل الدرج.
كانت طقوس القرابين تجري هناك في أعلى قمة الهرم وسط الساحة التي سماها الأسبان تمبلو ماجور أي الهيكل الأكبر.
تهدف القرابين البشرية إلى مد الآلهة بالدماء الواهبة للحياة والتي أبقت على الجنان.
كان الدم بالغ الأهمية لدى الأزتيك ومع ذلك قدموا دمائهم قرابين.
وكانوا يسمونها أثمن المياه.
يبدو أن أحد ملوك الأزتيك كان يبالغ إلى حد كبير بتقديم القرابين البشرية.
سعيا للقضاء على نفس الجفاف الذي جعل نتزاوا كويوت يعمل على تغيير تيتزكوزينغو، حاول استرضاء الآلهة بتقديم عشرين ألف إنسان قرابين للآلهة خلال أربعة أيام فقط.
ما يؤسف الأزتيك هو أن عالمهم لم يبق كما كان.
بعد مائة عام من وصول الأسبان إلى المكسيك لاقى تسعون بالمائة من السكان حتفهم، حيث قُتلوا أو ماتوا من جراء الأمراض الدخيلة، فاختفت معهم حضارة الأزتيك.
0 التعليقات:
إرسال تعليق