كان هناك شاب في مقتبل عمره وفي زهرة شبابه يمضي سائرا وحيدا في صحراء قاحلة مجدبة ، كانت حرارة الشمس من فوقه تذيب كتل الصبر و الرمال الحارقة من تحته مثل النار تكوي ما لديه من قدرة على الأحتمال، حتى بلغ به الأجهاد والعطش مبلغه، صار يبحث مثل الطريد عن أى شئ يروي ظمأه، كلما وقعت عيناه على بريق يتلألأ ظنه عروس النجاة فإذا هو سراب قد اختفى … كلما اقترب اكثر تسلل بريقه من تحت الرمال، وبينما هو يمضي انحسر غشاء الأفق عن زرقة صافية ممتدة، انه البحر يناديه أن اقبل فأنا قبلة الظمأى والمتعبين، تحامل الفتى على نفسه ومضي في سبيل البحر لا يلوي علي شئ.
وما أن غاصت اقدامه في رمال الشاطئ، حتي اسرع بلا تفكير يمد يديه كي يغترف من ماءه ليروي ظمأه، كان الماء مالحا شديد الملوحة لكنه اكره نفسه على ان يستمرئ مذاقه، وبعد أن شرب منه شعر باحتقان في حلقه، وزاد عطشه، فألقى بنفسه كالمجنون فى البحر يحاول أن يطفئ هذا الظمأ، كان كلما شرب أكثر كلما عطش أكثر، وهو لا يتوقف عن الشرب حتى لم يعد في بطنه متسعا، تسارعت محاولاته بلا أمل وهو يكاد أن يقضي من العطش، أقبل مرة اخرى ليشرب شربة اخيره وفجأه شعر بالدوار وسقط ميتا.
مر جماعة من الصيادين رواد البحر فوجدوا جثة شاب ملقاه، فتنازعوا بينهم .. ظن بعضهم انه مات غريقا، و عرفآأخرون انه شرب ماء البحر المالح حتى أسقطته التخمة، لكن وسط الصيادين كان رجلا حكيما قال لهم ان هذا الشاب أهلكته “شدة العطش” … ثم أردف ما أكثر ضحايا هذا البحر!!!….
الحكمة: البحث عن المتعة في غير مكانها يوصلك الى مزيد من العطش
0 التعليقات:
إرسال تعليق