ان معنى ان يكون للمرء صوت في اختيار مَن يحكمه هو وسيلة لحماية النفس .. من حق كل انسان ان يتمتع بها
تصبح الصعوبة بالغة عندما يحاول المرء التأثير على الناس واقناعهم عن طريق "عقولهم " ضد مشاعرهم وميولهم العملية .. لاسيما اذا كان ايمانهم بالعادات والتقاليد والشعور العام اكثر مما ينبغي الى درجة قد تبلغ حد التقديس .. بل انهم يعتقدون ان انتشار عادة من العادات وبقائها ردحاً من الزمن دليل قوي على تحقيقها لأغراض محمودة فلا يصح ان نقول عنها انها عادة مذمومة
ان الموجودات البشرية لم تعد تولد في اوضاع محددة سلفا وانما تولد حرة في استخدام ملكاتها ومايتاح لها من فرص في تحقيق المصير الذي ترجوه
*** *** ***
ان العدالة تقتضي ان نترك المرأة والرجل في ميدان المنافسة الحرة ومن ثم فالمنتظر ان يمضي كل منهما الى حيث تؤهله قدراته وعندئذ تكشف حقيقة كل منهما
*** *** ***
ان التراث الذي يحكم العلاقة بين الرجل والمرأة تراث متخلف عفا عليه الزمان منذ اصبحت القوة البدنية لا توضع في الحسبان
*** *** ***
ان القوانين توضع للسيئين لا للطيبين من البشر
ان الزواج الذي يتم بين انداد او نظراء متساوين بصفة خاصة في التعليم والثقافة وفي عدم الخوف والشعور بالامان هي تجربة مشجعة ومغرية اكثر بكثير من تجربة الزواج
بين طرف أعلى وطرف أدنى
ان الزواج بين اطراف او شركاء غير متجانسين لا يقدم متعة لأي منهما بل قد يؤدي الى شقاء دائم
ان الحياة الزوجية بوضعها الحالي تقوم على تناقض مع اول مبدأ من مبادىء العدل الاجتماعي وهي لهذا السبب تؤدي في الحال الى انحراف شخصية الرجل او تشكيل شخصية غير سوية .. وها هنا تكون الفائدة الكبرى التي نجنيها من تحسين هذه العلاقة.. هي ان نصل الى المبدأ الاساسي في الاخلاق والسياسة وهو ان السلوك وحده هو الذي يؤدي الى الاحترام .. اعني حق الرجل في التقدير والاحترام لا يتوقف على وضعه .. بل على عمله ! .. وان السبيل الوحيد المشروع للحصول على السلطة هو التفوق وليس مجرد انه ولد ذكراً
لا ينبغي النظر الى قضية المرأة على ان الحكم قد صدر فيها مقدماً عن طريق الواقع القائم والرأي العام السائد .. بل لا بد من فتحها للنقاش على اساس انها مسألة عدالة
ان عقول الغالبية العظمى من البشر يجب ان تصل الى مستوى اعلى مما وصلت اليه في اي وقت قبل ان يُطلب اليها الاعتماد على قدرتها الخاصة في تقييم الحجج والاقلاع عن المبادىء العملية التي ولدوا فيها وعاشوا معها والتي هي الاساس للجانب الاكبر من النظام الاجتماعي القائم في العالم
ان قانون الطبيعة في مجال السياسة يكشف لنا ان اولئك الذين يعيشون تحت سلطة لها جذور قديمة لا يبدأون أبدا بالشكوى من السلطة نفسها وانما يتذمرون فقط من ممارسة
السلطة بطريقة قمعية اضطهادية وتلك هي الحال مع عدد كبير من النساء اللائي يشكون من سوء معاملة ازواجهن
جميع النساء ينشأن منذ نعومة اظافرهن على الايمان بان شخصية المرأة المثالية هي الضد المباشر لشخصية الرجل .. اعني الشخصية التي لا تكون لها ارادة ذاتية حرة .. ولا قدرة على ضبط النفس .. وانما الشخصية الخاضعة المستسلمة لارادة الاخرين وسيطرتهم .. فجميع القواعد والمبادىء الاخلاقية التي تربى عليها الفتيات تؤكد لهن ان واجب النساء وكذلك طبيعتهن بما تنطوي عليه من مشاعر وعواطف متدفقة .. ان يعشن من اجل الآخرين وان يعتدن نكران الذات فينكرن انفسهن نكرانا تاما .. والا يعشن الا من اجل عواطفهن ومشاعرهن فحسب .. بل حتى هذه العواطف وتلك المشاعر لا تعني سوى ما يسمح لهن به المجتمع فحسب
الامور التي يكون للمرء فيها مصلحة مباشرة لاتستقيم ابداً الا اذا تركت له مسألة البت فيها وتوجيهها بنفسه
لا ينبغي النظر الى قضية المرأة على ان الحكم فيها قد صدر مقدما عن طريق الواقع القائم والرأي العام السائد بل لا بد من فتحها للنقاش على اساس انها مسألة عدالة ومنفعة ومن ثم ينبغي ان يكون الحكم فيها كما هي الحال في اية اوضاع اجتماعية وبشري اخرى .. معتمداً على تقدير مستنير للاتجاهات والنتائج التي قد يثبت انها اكثر فائدة للبشر دون التمييز بين الجنسين
كثيراً ما يحدث ان تكون هناك وحدة كاملة تماما بين الزوجين للشعور وللمصالح المشتركة في كل ما يتعلق بالامور الخارجية ومع ذلك فان ما يصل اليه الواحد منهما -الزوج او الزوجة - في الحياة الداخلية للآخر لا يزيد عن التعارف الشائع بين شخصين .. وحتى مع الحب الحقيقي فان السلطة التي تكون في جانب والخضوع والتبعية في جانب آخر يحولان دون الثقة التامة بينهما
ان المعرفة الحقيقية بين شخص وآخر يصعب ان توجد الا بين شخصين متساويين
يستطيع الرجل ان يتحدى الرأي العام اما المرأة فلا بد لها من ان تطيعه "مدام دي ستيل"
ان المجتمع قد انكر على المرأة اي مصير آخر في الحياة سوى ان تكون خادماً لرجل مستبد .. بحيث يكون كل املها ان تتاح لها فرصة العثور على مستبد يعاملها معاملة طيبة بدلا من ان يعاملها كخادمة مسخرة
إذا رأينا شخصاً عنيفا نكدي المزاج مع اقرانه , فلا بد ان نكون على يقين من انه عندما يعيش بين شخصيات دنيا يستطيع ان يخيفها ويرعبها حتى تستسلم له وتخضع لمشيئته واذا كانت الاسرة في احسن صورها كما يقال كثيراً مدرسة للتعاطف والمشاركة الوجدانية والحنان وانكار الذات فهي بالنسبة لرب الاسرة شيئاً مختلفاً انها مدرسة السلطة المتعجرفة والانانية المستترة التي تُعد التضحية ذاتها صورة جزئية خاصة منها : فالعناية بالاطفال والزوجة انما هي عناية بهم من حيث انهم ممتلكات الرجل ومصالحه وتتشكل سعادتهم الفردية من كل جانب طبقاً لأهوائه !
ان المساواة في الحقوق سوف تخفف من المبالغة في انكار الذات الذي يُعد بمثابة المثل الاعلى المصطنع في الوقت الحاضر لشخصية الانثى .. بحيث لاتكون المرأة الفاضلة اكثر تضحية من الرجل الفاضل .. غير ان الرجال من ناحية اخرى .. سوف يكونون اقل انانية بكثير واكثر تضحية مما هن عليه الان لانهم بعد ذلك لن يعتادوا عبادة ارادتهم بوصفها شيئاً عظيماً
*** *** ***
لا شك ان هناك نساء كما ان هناك رجالاً لا تكفيهن المساواة في التقدير والاعتبار ومراعاة شعورهن ولايشعرن بالراحة الا اذا روعيت ارادتهن او رغبتهن دون سواها .. وامثال هذه الشخصيات هم الموضوع المناسب لقانون الطلاق .. لانهم لا يصلحون الا للعيش وحدهم او بمفردهم ولا ينبغي ارغام اي موجود بشري على العيش معهم او على ربط حياته بهم
ان النظم والكتب والتربية والمجتمع تستمر كلها في تدريب البشر على كل ما هو قديم وتظل كذلك حتى بعد ان يظهر الجديد بفترة طويلة
ان عبارة مصلحة المجتمع هي عبارة يقصد بها في الواقع مصلحة الرجال
*** *** ***
اذا كان اداء الوظيفة سوف تقرره المنافسة او اي اسلوب اخر للاختيار يحقق المصلحة العامة .. فليس ثمة ما يدعو للاعتقاد بان اي وظيفة هامة يمكن ان تقع في ايدي نساء هن في مقدرتهن اقل من منافسيهن الرجال
ان تحريم العمل على النساء لا يقتصر ضرره عليهن بل يلحق ايضا بمن يستفيد من خدماتهن .. فنحن عندما نُحرم على اشخاص معينين مهنة الطب او المحاماة او عضوية البرلمان فان الضرر لا يقع على هؤلاء الاشخاص وحدهم بل يلحق ايضا بمن يتعاملونمع الاطباء والمحامين او ينتخبون اعضاء البرلمان .. لانهم سوف يحرمون من ثمار اشتداد المنافسة وتأثيرها في جهود المنافسين .. كما انهم سوف يتقيدون بعدد اصغر من المتنافسين يختارون بينهم
انني اعتقد اعتقادا جازماً ان الذهن حتى في التفكير المجرد يحقق افضل النتائج كلما عاد بين الحين والاخر الى مشكلة صعبة بدلا من ان يتمسك بها ويتشبث بأهدابها بلا انقطاع ذلك لان الاغراض في جميع الحالات ترتبطة بقدرة على الانتقال السريع المباغت من التفكير في موضوع معين الى التفكير في موضوع آخر
على الرغم من ان عقل المرأة قد لا يكون مشغولا الا بأشياء صغيرة فانه لا يستطبع ان يسمح لنفسه أبداً بأن يخلو مثل عقل الرجل في كثير من الاحيان عندما لا يكون مشغولا
بما اختار لنفسه ان يعمله في حياته فالمرأة تهتم في الحياة العادية بالاشياء بصفة عامة وليس في استطاعتها ان تتوقف عن هذا الاهتمام مادامت الدنيا تسير من حولها
ان العلاقة بين الزوج وزوجته في كثير من المجتمعات تشبه العلاقة بين السيد الاقطاعي وتابعه .. باستثناء ان الزوجة مطلوب منها طاعة غير محدودة اكثر مما كان مطلوبا من التابع .
ان اسوء انواع الكبرياء هو الذي يستند في تقدير ذاته على ميزات عارضة ليست من انجازه هو .. وقبل كل شيء آخر .. عندما يكون الشعور بالسمو على الجنس الآخر مصحوبا بسيطرة شخصية على واحدة منهن .. فان الموقف اذا كان يمثل مدرسة الجمير والتسامح بالنسبة لأولئك الذين يتميزون بالضمير والحب .. فإنه بالنسبة للرجال الذين من النوع الآخر اكاديمية او مدرسة للتدريب على الزهو الكاذب والغرور والعجرفة وهي رذائل اذا كبحت في علاقتهم مع الرجال الآخرين لتأكدهم من أن اندادهم سوف يتصدون لهم بالمقاومة .. فإنها تنفجر في جميع اولئك الذين يكونون في وضع يرغمون فيه على تحملهم .. وهكذا نراهم كثيراً ما ينتقمون لأنفسهم بدورهم من زوجة سيئة الحظ نتيجة لما يضطرون اليه من كبت في مكان آخر
المرأة التي ولدت في قلب المصير الحالي للنساء رضيت به وقنعت بنصيبها .. فكيف يمكن لها ان تقدر قيمة الاستقلال الذاتي ؟
الرجل الذي يتزوج من إمرأة أقل منه ذكاء يجدها باستمرار عبئاً ثقيلاً بل ربما اسوأ من ذلك فقد تكون عقبة أمام كل طموح لديه لتحسين مستواه
ان الزوجة التي لا تشارك زوجها في الاهداف او ان تفهمها وتتفهم التضحيات المطلوبة من اجلها لن تستطيع المشاركة في حماس الرجل ولا فيما يشعر به من رضا عن نفسه بعد تحقيقها
ان المجتمع جعل حياة الزوجة بأكملها تضحية مستمرة بالنفس ومن ثم يعود فيطالبها بكبح لا هوادة فيه لكل ميولها الطبيعية
إذا تخيلنا انه يمكن ان يكون هناك إرتباط وثيق بين شخصين يختلفان اختلافاً جذرياً فذلك حلم أجوف .. إن اللاتشابه يمكن ان يجذب .. ولكن التشابه هو الذي يبقى وبمقدار ما يكون هناك تشابه بين الافراد فإن كلا منهما يمكن ان يقدم للآخر حياة سعيدة
ان الاختلافات في الميول سوف تجعل بطبيعة الحال رغباتهم مختلفة في كل ما يظهرمن مشكلات عائلية مما يراكم حواجز كبيرة بين الطرفين ما لم تحجمها عاطفة الواجب او الواجب ذاته
عندما يهتم شخصان بنفس الاهداف الكبرى لانهما قريبان في الفكر والنشأة والثقافة العمر فإن الواحد منهما يساعد الآخر ويشجعه في كل ما يتعلق بها .. اما النقاط الصغيرة التي قد لا تتفق فيها اذواقهما فلن تكون لها عندهما كل هذه الاهمية .. وسيكون بينهما اساس صلب لصداقة ذات طابع مستمر تجعمل كلا منهما يجد متعة أكثر من اي شيء آخر طوال الحياة كلها في اعطاء الآخر اكثر مما يجدها في الأخذ منه
ان المتفوق في الذكاء لا يستطيع ان يحصن نفسه ضد العواقب عندما يغلق على نفسه الابواب مع شخص ادنى منه
ان كل شراكة او علاقة زوجية لا تنو وتتحسن لا بد ان تتقهقر وتنهار
الحرية هي أثمن وأقوى حاجات الطبيعة البشرية بعد الضرورات الأولية من غذاء وكساء
ان من يقدر قيمة الاستقلال الشخصي حق قدره بوصفه عنصراً من عناصر السعادة ينبغي عليه ان يفكر في القيمة التي يضيفها هو نفسه على هذا الاستقلال كعامل من عوامل سعادته هو
جون ستيوارت ميل فيلسوف واقتصادي بريطاني، ولد في لندن عام 1806 م، وكان البكر لأسرة كبيرة أنجبت تسعة أولاد، وكان والده جيمس ميل أحد كبار أهل العلم والمعرفة في القرن الثامن عشر. عاش بعيدا عن تأثير التيارات الرومانتيكية الجديدة، وترك فيه بنثام والماديون الفلاسفة الفرنسيون أثرا كبيرا. وقد أنشأ بنه جون ستيوارت في عزلة عن بقية الأطفال، فنال تربية عقلانية. اقتبس فلسفته من مذهب يوم التجريبي ومذهب بنثام القائم على مفهوم المنفعة، ومذهب والده جيمس ميل الترابطي، وشدد على المدى المحدود الذي وصلت إليه نظرياتهم مجدسدا في تركيب رائع المذهب الذري القائم بين الإنسان والعالم. توفي عام 1873م.
من كتاب "إستعباد النساء" - جون ستيورات مل
0 التعليقات:
إرسال تعليق