قد يجد أحدنا نفسه يوماً مضطراً لاستعارة شيء من صديق أو قريب، أو أن هذا القريب أو ذاك الصديق طلب منه إعارته شيئاً من أغراضه.. هنا يطفو على السطح سؤال عن الحدود بين المقبول والمرفوض في مسألة الإعارة والاستعارة.
من المؤكد أن البعض يجد نفسه في موقف محرج حين يضطر الى طلب استعارة شيء أو حين يُطلب منه إعارة بعض أشيائه.
المسألة يجب ألا تكون سبباً للحرج أو الإحراج، فالأضرار المحتملة في هذه الحالة يجب أن تكون لها الأولوية حين التفكير في الإعارة أو الاستعارة، لأن الجراثيم والبكتيريا يسعدها أن تتمدد وتنتشر عن طريق الأغراض المعارة والمستعارة في أماكن جديدة والانتقال من شخص إلى آخر.
طبيب الأمراض الجلدية في نيويورك نايل شولتز تناول هذه المسألة بكثير من التفصيل في كتاب يحمل عنواناً غير عادي معناه: لقد أُعذر من أنذر.. و«القبس» تتناول أبرز ما جاء في هذا الكتاب عن الأشياء والأغراض التي لا يجوز إعارتها أو استعارتها إلا بشروط أهمها التزام النظافة. وفي ما يلي بعض هذه الأشياء:
الصابون
المعروف عن الصابون أنه منظف لكن البعض يحذر من المغالاة في هذا النوع من التفكير، وينصح باعتماد الصابون السائل بدلاً من الصابون التقليدي الصلب.
في عام 1988 قالت دراسة أوروبية إن قطعة الصابون، حتى لو كانت ملوثة بالبكتيريا بعد استخدامها لتنظيف شيء متسخ، فمن غير المحتمل أن تنقل البكتيريا من شخص إلى آخر بسبب احتواء الصابون على مواد تقتل البكتيريا والجراثيم على اختلاف أنواعها وأشكالها.
وفي عام 2006 نشرت نتائج دراسة مناقضة تماماً لسابقتها أكد واضعوها أن قطعة الصابون يمكن أن تكون مستودعاً للجراثيم ومصدراً للأمراض المعدية بسبب الرطوبة التي غالباً ما تغلفها.
يقول الباحثون المشرفون على هذه الدراسة إن قطعة الصابون قليلاً ما تجف، أي أنها تبقى رطبة لفترات طويلة بسبب كثرة مستخدميها أو بسبب كثرة استخدامها بصورة متكررة، وإن هذه الرطوبة كما يقول الدكتور شولتز توفر بيئة صالحة لتراكم البكتيريا والفطريات على سطحها، وخاصة على السطح الأسفل لأنه أكثر رطوبة من السطح الأعلى، وبالتالي فاستخدام قطعة الصابون الرطبة يعني انتقال الجراثيم الموجودة على سطحها إلى المستخدم الجديد.
أغطية الرأس
يقول المركز الأميركي للسيطرة على الأمراض إن القبعات وكل أنواع أغطية الرأس والشعر هي المسؤولة الأولى عن انتشار القمل وغيره من البكتيريا والجراثيم.
يضيف المركز أن أصابع الاتهام تشير أيضاً إلى الوسائد والأرائك والأغطية حين الحديث عن انتقال الجراثيم والبكتيريا بين الناس، خاصة بعد أن يستخدمها شخص مصاب. فهل تستحق المسألة مثل هذه المخاطرة؟
مانعات العرق
بات استخدام مانعات العرق أمراً مفروغاً منه وعادة يومية لدى الملايين من البشر، لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن مانعات العرق تقلل ما يفرزه الجسم من العرق ولا تحتوي على أي مادة لقتل الجراثيم أو البكتيريا، وبالتالي فملامستها للجسم تؤدي الى انتقال بعض الجراثيم والبكتيريا إليها من الجسم، مما يعني أن استخدام مانع عرق يعود لشخص آخر هو أمر محفوف بالمخاطر لأنه سيؤدي لانتقال الجراثيم والبكتيريا والفطريات إلى هذا الشخص.
ينصح الخبراء باعتماد مانعات العرق المعبأة في بخاخ بدلاً من الأصابع أو القطع الصلبة، فالبخاخ لا يسبب أي نوع من العدوى لعدم التماس الذي يسهل انتقال البكتيريا.
قصاصة الأظافر
يحرص الحلاقون على تنظيف وتعقيم أدوات الحلاقة بعد استخدامها مع كل زبون، أو هذا على الأقل ما هو مفروض منهم القيام به، لأنه لا يجوز في أي حال من الأحوال استخدام أدوات سبق أن استخدمها شخص آخر.
الشيء ذاته يقال عن قصاصة الأظافر، فاستخدامها ينقل إليها المئات، إن لم نقل الآلاف، من الجراثيم مما يفرض ضرورة تنظيفها وتعقيمها بعد كل استخدام.
حين يقص أحدنا أظافره من المحتمل أن يجرح إصبعه، حتى ولو لم يكن الجرح غائراً أو ظاهراً للعين أو لم ينزف، وربما يغوص أكثر من اللازم في الجلد المحيط بالأظفر، أي أنه يفتح بوابة لعبور الجراثيم والبكتيريا إلى الجسم من خلال هذا الجرح إذا كانت قصاصة الأظافر ملوثة.
أدوات التجميل
مع أدوات التجميل يوجد بعض الاستثناءات، فمعظم الأصناف الموجودة في الأسواق تحتوي مواد حافظة مهمتها قتل غالبية أنواع البكتيريا والجراثيم التي تعيش في الأجواء الرطبة، مما يقلل احتمالات انتقال العدوى بين مستخدمي هذه الأدوات.
لكن المتخصصين يشددون على ضرورة الحذر وعدم الركون لوجود المواد الحافظة، فأدوات التجميل يجب أن تظل شخصية، أي أنها ضمن الأشياء التي لا تعار ولا تستعار، خاصة إذا كان هناك من هو مصاب ببعض الأمراض الجلدية.
ماكينة الحلاقة
المسألة هنا واضحة جداً، فالمتخصصون يحذرون من مخاطر إعارة أو استعارة أي أداة للحلاقة أو لغير الحلاقة يمكن أن تكون لها علاقة مع الدم. فماكينة الحلاقة قد تسبب جروحاً وقد تنزف دماء حتى لو كانت أقل من قليلة أو لا تظهر للعين المجردة.
ما ينطبق على قصاصة الأظافر يقال عن ماكينة الحلاقة، فالجرح المحتمل مهما كان صغيراً كاف لعبور ملايين الجراثيم إلى الجسم، والدم النازف يتحول إلى مركب لنقل هذه الجراثيم.
يحذر الأطباء من مخاطر مثل هذه العملية لأن الجراثيم المحملة بالدم في هذه الحالة قد تسبب العديد من الأمراض وبالذات التهاب الكبد.
المشروبات
شرب الماء أو أي مشروب آخر من زجاجة سبقك إليها غيرك يمكن أن يسبب ما يطلق عليه المتخصصون اسم تبادل اللعاب بين شخصين أو أكثر، وهي عملية تتسم بالخطورة، فقد يكون فم أحدهم ولعابه مستودعاً لعشرات أنواع البكتيريا المسببة لالتهابات الحلق ونزلات البرد والهربس والنكاف والتهاب السحايا.
قبل أن تفعل، إسأل نفسك إن كنت على استعداد لتقبل الإصابة بالمرض مقابل توفير ثمن زجاجة ماء، أو على الأقل تنظيف الزجاجة المفتوحة أمامك؟
فرشاة الأسنان
لعل فرشاة الأسنان تحتل المركز الأول بين الأشياء التي لا يجوز أن تعار أو تستعار، حتى لو تم تنظيفها بالماء والصابون عشرات المرات كما يقول الدكتور شولتز، فشعيرات الفرشاة تعتبر وسيلة نقل مثالية للجراثيم والبكتيريا وهي غالباً ما تكون كثيرة جداً في الفم وبين الأسنان.
وتزداد الخطورة إذا رافق عملية تنظيف الأسنان نزف للدماء حتى لو لم يكن ظاهراً للعين المجردة.
أقراط الأذن
عندما تضع المرأة الأقراط أو الحلق في أذنها، خاصة تلك الأنواع التي تدخل عبر ثقب في صيوان الأذن، فمن المرجح أن تسبب بإحداث جرح بسيط.. قد لا يسبب أي ألم وقد لا يرى بالعين، لكنه كاف لتمرير ملايين الجراثيم في حال استخدام قرط امرأة أخرى قد تكون أذنها ملوثة.
ينصح المتخصصون بتنظيف الأقراط وتعقيمها بين فترة وأخرى، أما في حال الاضطرار لاستخدام أقراط امرأة أخرى فمسألة التنظيف والتعقيم تتجاوز نطاق النصيحة وتصبح واجباً لا يجوز إهماله أو التساهل به.
فؤاد سلامة
0 التعليقات:
إرسال تعليق