هو الذي تسلم ذاته من العيب وصفاته عن النقص وأفعاله عن الشر، حتى إذا كان كذلك لم يكن في الوجود سلامة إلا وكانت معزية إليه صادرة منه.
والسلام في اللغة هو الأمان والاطئنان، والحصانة والسلامة، ومادة السلام تدل على الخلاص والنجاة، وأن القلب السليم هو الخالص من العيوب، والسلم (بفتح السين أو كسرها) هو المسالمة وعدم الحرب، الله السلام لأنه ناشر السلام بين الأنام، وهو مانح السلامة في الدنيا والآخرة، وهو المنزه ذو السلامة من جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وصفاته وأفعاله، فكل سلامة معزوة اليه صادرة منه، وهو الذي سلم الخلق من ظلمه، وهو المسلم على عباده في الجنة، وهو في رأي بعض العلماء بمعنى القدوس.
السلام في اللغة مصدر استعمل اسما للموصوف بالسلامة، فعله سلم يسلم سلاما وسلامة، والسلامة الأمن والأمان والحصانة والاطمئنان، والبراءة من كل آفة ظاهرة وباطنة، والخلاص من كل مكروه وعيب، ومادة السلام تدل على الخلاص والنجاة، وقيل للجنة دار السلام لأنها دار السلامة من الهموم والآفات، باقية بنعيمها وأهلها في أمان ما دامت السماوات والأرض، قال تعالى:"لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ".
[الأنعام:127]، ومن السلام أيضا التحية الخالصة من سوء الطوية وخبث النية، فسميت التحية في الإسلام سلاما، روى البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أن النَّبِيِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(خَلَقَ الله آدَمَ وَطولهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثمَّ قال اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فقال السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ، فَقَالُوا: السَّلاَمُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ). والله عز وجل هو السلام لسلامته من النقائص والعيوب، فهو الذي سَلَِم في ذاته بنوره وجلاله.
وهو الذي سَلِم في صفاته بكمالها وعلو شأنها، وسلم أيضا في أفعاله بإطلاق قدرته وإنفاذ مشيئته، وكمال عدله وبالغ حكمته، وهو سبحانه الذي يدعو عباده إلى السلامة وإفشاء السلام فأثنى على عباده في قوله:"وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً". [الفرقان:63].
ومن الدعاء باسمه السلام أنه (كَان رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا انصَرَف من صَلاَتِهِ اسْتغفرَ ثلاَثا وَقال: اللهُم أنت السَّلاَم وَمنكَ السَّلاَم تبَارَكْت ذَا الجَلاَلِ وَالإكْرَام).
ومن آثار توحيد المسلم لله في اسمه السلام أن يَسلم المسلمون من لسانه ويده، وأن يأمن جاره من أذيته، ويؤثر إخوانه على نفسه وحاجته. ومن ذلك أيضا أن يفشي السلام ويلتزم بتحية الإسلام، وأن يسلك سُبل السلام التي تؤدي إلى دار السلام.
والله جل وعلا أضاف كثيرا من مخلوقاته إلى السلام: فوصف ليلة القدر بأنها سلام قال تعالى: "سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ". أي: سالمة لا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو يحدث فيها أذى، ووصف الجنة أيضًا بأنها دار السلام، فقد قال الله تعالى: "لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ"، والله هو السلام, وسميت الجنة دار السلام، أي: دار الله، وقيل إنما سميت بذلك لأن: السلام في اللغة هو السلامة، والجنة دار السلامة من كل آفة وعيب ونقص، وقيل: سميت دار السلام لأن تحيتهم فيها سلام، فمن دخلها تلقته الملائكة من كل باب بالسلام لا يفنى شبابه، ولا تبلى ثيابه، يحيى ولا يموت، ينعم ولا ييأس ولا يهرم أبد الآبدين، كما قال الله تعالى: "تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ".
0 التعليقات:
إرسال تعليق