النوم القهري أو النوم الذي لا يقاوم هو أحد اضطرابات النوم المزمنة التي تحدث دون سبب معروف، لكن من المعروف عن هذا الاضطراب النوم المفرط طيلة النهار حتى
لو نام الشخص بشكل جيد طوال الليل وأخذ الجسم حاجته من الراحة والنوم، فدائماً يشعر الشخص المصاب باضطراب النوم الذي لا يقاوم برغبته في النوم والنعاس حتى في الأوقات والأماكن غير المناسبة، وقد تحدث نوبات النوم النهارية فجأة ويصعب مقاومتها، ومن الممكن أن تحدث بشكل متكرر في اليوم الواحد، كما قد يستمر النعاس لفترة طويلة من الزمن بالإضافة إلى أن النوم ليلاً للشخص المصاب بهذا الاضطراب يكون متقطعاً ويستيقظ باستمرار.
هذا الاضطراب منتشر لكنه غير معروف ويتساوى في ذلك مع الشلل الرعاش، وتأتي عدم المعرفة به نتيجة للتشخيص الخاطئ من قبل الأشخاص له، حيث يختلط الأمر عليهم بينه وبين الاكتئاب أو الصرع أو حتى يفسروه على أنه أحد الآثار الجانبية لبعض العقاقير، وهو مرض يصيب الرجال والنساء على حد سواء وفي أي عمر إلا أن الأعراض يتم ملاحظتها بشكل أكبر في المراهقين والشباب صغار السن، وهناك دليل قوي يشير إلى أنه اضطراب وراثي فنحو 8 إلى 12 في المائة من الأشخاص الذين يعانون حالات النوم القهري لهم اتصال بقريب مصاب بالمرض.
هناك عدة ملاحظات تشير إلى الإصابة منها أن يشعر الشخص بالميل المفرط للنعاس طوال النهار على الرغم من نومه عدد ساعات ملائمة طوال الليل، أو إذا شعر بالنعاس في أوقات ليست للنوم مثل أثناء تناول الوجبات أو التحدث أو القيادة أو أثناء العمل، وقد يلاحظ أيضاً الإحساس بالوهن فجأة أو ارتخاء عضلات الرقبة حيث يشعر المريض بصعوبة في رفع الرأس عند الضحك أو الغضب أو الدهشة أو التعرض لصدمة، أو إذا وجد نفسه غير قادر على التحدث أو الحركة عندما يغلب عليه النعاس أو عند الاستيقاظ، إذن كل هذه الأمور أو أحدها يشير إلى حدوث المرض ويتطلب التوجه لاستشارة الطبيب.
هناك ثلاثة أعراض أخرى لاضطراب النوم القهري لكنها قد لا تحدث لجميع المرضى أولها الفقد المفاجئ للنبض العضلي Cataplexy، وهي نوبات مفاجئة تفقد فيها العضلات وظائفها، وتتراوح الأعراض من ضعف بسيط فيها (مثل ترهل في عضلات الرقبة أو الركبة أو عضلات الوجه أو عدم القدرة على التحدث بوضوح) وتصل إلى انهيار كامل في الجسم، وقد يتعرض الإنسان لمثل هذه النوبات النومية كرد فعل للمثيرات العاطفية مثل الضحك أو الغضب أو حتى الخوف، كما قد تستمر من بضع ثوان إلى دقائق عديدة ويكون الإنسان واعياً عند مرور تلك الحالة به، العرض الثاني هو الشلل النومي Sleep paralysis أي عدم المقدرة المؤقتة على التحدث أو الحركة عند النوم أو الاستيقاظ، وقد تستمر أيضاً من بضع ثواني إلى عدة دقائق، أما العرض الثالث فهو الهلوسة النومية Hypnagogic hallucinations، فعندما يغلب النوم أو النعاس على الشخص أو يذهب في النوم تنتابه أحداث أو تجارب شبيهة بالحلم وتكون سماتها قوية ومخيفة.
قد تحدث هذه الأعراض الثلاثة ليس فقط في الحالات المرضية بل في غالبية حالات النوم القهري، فإن العرض الأول يحدث ويظهر عند النوم المفرط طول النهار أما العرض الثاني فيصاب به الشخص نتيجة تراكمات من الأشهر والسنين للنوبات النومية النهارية، وتوجد اختلافات كبيرة جداً في تطور الأعراض الثلاثة وحدتها وترتيب ظهورها من فرد إلى آخر، وتشير الدراسات إلى أن نحو 20 إلى 25 في المائة فقط من حالات النوم القهري تنتابها جميع الأعراض، وتبقى أكثر الأعراض شيوعاً والتي تستمر مع الشخص طيلة الحياة هي النوم المفرط طيلة النهار، أما الشلل النومي والهلوسة النومية فربما لا، وبشكل عام فإن أعراض النوم القهري وخاصة النوم المفرط والـ Cataplexy تصبح غالباً حادة ما تؤدي إلى إعاقة حياة الفرد الاجتماعية والشخصية والعملية عن أن يمارسها بشكل طبيعي.
في الأشخاص الطبيعيين وعندما يكون الإنسان متيقظاً فإن إشارات المخ تظهر بشكل منتظم، وعندما ينام الإنسان (في بدايات النوم) تصبح إشارات المخ أبطأ وأقل انتظاماً، وهذه الحالة أو المرحلة تسمى "نوم بحركات عين غير سريعة"، وبعد مرور نحو ساعة ونصف تبدأ إشارات المخ في نشاطها مرة أخرى على الرغم من أن الشخص يكون في نوم عميق، وهذه المرحلة تسمى بـ "نوم بحركات عين سريعة" والذي عنده تحدث الأحلام أو الكوابيس، أما في اضطراب النوم القهري فإن ترتيب وطول النوعين أو المرحلتين السابقتين من النوم وفترتهما تضطرب وتختلف، حيث يحدث نوم بحركات العين السريعة في بداية النوم وسابق على نوم حركات العين غير السريعة، لذلك فإن النوم القهري هو الاضطراب الذي يظهر فيه REM في مرحلة غير طبيعية، وأيضاً بعض المراحل التي تحدث طبيعياً أثناء النوم العميق فقط أو المرحلة الثانية نوم حركات العين السريعة مثل ارتخاء العضلات والشلل النومي والأحلام التي تحدث في أوقات مختلفة أثناء النوم مع النوم القهري، فعلى سبيل المثال ارتخاء العضلات يحدث في مرحلة الاستيقاظ، أما الشلل النومي والأحلام فتحدث عند النوم أو عند الاستيقاظ.
هناك العديد من الوسائل العلاجية والتي تعطي نتائج مختلفة لمرض النوم القهري، كما أن هناك نصائح مهمة يتبعها المريض للتقليل من الأعراض، مثل النوم المبكر في المساء وعدم شرب المنبهات بكثرة وعدم النوم بقدر المستطاع في ساعات النهار، وتحديد مكان مخصص للنوم دون تغيير المكان، إضافة إلى ذلك فإن هناك بعض الأدوية والعقاقير التي تعطي استجابة متفاوتة للمرض ويمكن استخدامها عند استشارة الأطباء المختصين، وذلك منعاً لحدوث آثار جانبية أو الاستمرار في العلاج دون الحاجة، ومن أمثلة تلك العلاجات عقار الريتالين وحديثاً دواء مودافينيل.
0 التعليقات:
إرسال تعليق