التنويم المغناطيسي كلمة متداولة يحيطها الكثير من الغموض والرهبة ، ويرددها الناس في شتى المجالات والمواقف ، دون وضوح في المفهوم والتعريف ، ويدعم هذا الخلط أن السينما والتلفزيون والمسرح تشوه هذه المفاهيم وتغرس فيهم بعض الأخطاء ، وكذلك أنواع السحر التي تمارس على المسارح وقاعات السيرك ، ولذلك فإننا للتحديد نتحدث عن التنويم المغناطيسي الطبي . فالتنويم المغناطيسي الطبي هو حالة بسيطة من تغيير الوعي ، لا تتم إلا بموافقة وتعاون الشخص المنوي تنويمه ، ولا يمكن إن يكون هناك تنويم إجباري لشخص ما ، والذي يقوم بالتنويم أو المنوﱢم يجب إن يقوم به لهدف طبي ، علاجي أو استكشافي إذا رأى ضرورة لذلك ، ويقوم مبدأ التنويم على التركيز في التفكير على صورة معينة كالبحر أو حديقة جميلة ، مع النفس العميق ورخي كافة عضلات الجسم ، ويتم هذا بتعليمات المنوﱢم ، ويصل الإنسان إلى درجة من الإسترخاء والراحة التي يشعر بها وكأنه قد انتقل إلى عالم أخر أو أنه قد أصبح شبه نائم ، وقد يكون من السهل عليه الإجابة على بعض الأسئلة ، وإعطاء معلومات عن نفسه ومشاكله ، ويكون في حالة إستعداد لتلقي بعض التعليمات والتوجيهات مثل تخفيف الألم ، أو الإقلاع عن التدخين ، أو السيطرة على التوتر . وعملية التنويم هي بحاجة لإنسان خبير يقوم بها، وشخص مستعد لها، وتكرار وتدريب حتى يتم إتقانها. ومع التكرار يصبح من الممكن للشخص العادي أن يمارسها لوحده كلما دعت الحاجة, وهذا ما يسمى بالتنويم المغناطيسي الذاتي ، وحقيقة فإن بعض العلماء يعتبروا كافة أشكال التنويم ذاتياً وأن المنوﱢم يقوم بتسهيل وتوجيه المهمة.
إن للتنويم المغناطيسي إستعمالاته المختلفة في الطب الحديث ، أهمها في طب الأسنان للتخفيف من الألم وتسهيل خلع الأسنان لمن يخافوا من هذا الإجراء ، كما يمكن إستعماله مع التخدير العام مما يقلل من كمية المخدر اللازمة لعمليه جراحية ما ، وله إستعمال في بعض الأمراض الجلدية والأمراض النفسجسدية كالضغط والقرحة وتهيج القولون ، ومن أهم تطبيقاته في حالات الآلام الشديد خصوصاً الآم السرطان المبرحة التي تتطلب مسكنات قويه ، وله إستعمالات خاصة في الطب النفسي مثل التفريغ الإنفعالي بواسطة التنويم ، أو المساعدة في علاج بعض الحالات كالهستيريا ، والإقلاع عن التدخين وغيره من العادات الضارة . ويستطيع أي طبيب إن يمارس ذلك إذا تلقى التدريب اللازم ، وكثيراً ما يأتي للعيادات النفسية أناس يطلبون تنويم فلان أو فلانة لأخذ إعترافه فيما إذا كان قد سرق أو إذا كانت له علاقات غير مشروعه ، وبالتأكيد سيرفض الطبيب هذا الطلب لأن هذه ليست مهمة علاجية ، والطب أصلاً وجد خدمة للمريض وليس لحل الخلافات والجرائم والتحقيق فيها ، مع أن هناك توجه في بعض الدول ، لإستعمال التنويم في إستجواب الشهود والمتهمين وذلك لمساعدة التحقيق ، أما الطبيب الممارس فلا يدخل من ضمن عمله إن يقوم بالتحقيق مع زوجه يتهمها زوجها بالخيانة .
إن الخلط الذي يحدث في التنويم المغناطيسي على المسرح ليس له علاقة بالتنويم المغناطيسي الطبي ، ويندرج تحت السحر والظواهر الغير مألوفة ، فأن في هذا النوع من الممارسة يمكن للمنوًّم أو الساحر أن يرفع المنوﱠم عن الأرض وإبقائه في الهواء معلق ، كما يقوم بأجراء العديد من الألاعيب الغريبة ، إن هناك جمعيه عالمية للسحر مقرها ألمانيا تكرر إعلانها دائماً لما يقوم به السحرة من ألاعيب ، إلى أن هذه ليست حقيقة وان الساحر يبقى غير قادر على إحداث أو خلق شي جديد أو إلغاء ما هو قائم ، وقد نهى الإسلام عن العمل بالسحر ، ولذلك يطلق الكثير من السحرة في العالم الإسلامي لممارسه عملهم إسماً آخر ، أو الدليل أنهم يسخرون الجن لخدمتهم
د. وليد سرحان
0 التعليقات:
إرسال تعليق