الكحول: إعتقادات خاطئة



لقد حرم الله سبحانه وتعالى شرب الخمر أو الكحول في الإسلام وحدت منه الكثير من الأديان ، كما أن القوانين الأرضية قد ساعدت في التخفيف من بيعه وإستهلاكه في بعض المناطق وبعض الدول ، وإن تحريم الله سبحانه وتعالى للخمر يحمل حكمه كبيرة ، إذ إن للكحول العديد من المساوئ والأضرار ، فالناس يشربون الكحول حتى يشعروا بشيء من الراحة أو الارتخاء أو البهجة وأحياناً للقضاء على الخجل أو الإرتباك أو الخوف وفي بعض ألاحيان حتى يحصلوا على نوم أفضل وهم واهمين في هذا ، إذا إن الإعتقاد بأن للكحول فوائد تكمن في مثل هذه المشاعر التي يجلبها ، وفي حقيقة الأمر إن هذه الإعتقادات خاطئة و رغم إن الكحول قد يساعد في البداية على النوم إلا إن هذا سيستمر بضع ساعات ثم يصبح النوم صعباً ، وفي المجال النفسي فإن محاولة معالجة أية مشاعر بالكحول قد تزيد من حدتها ، فتناول الكحول لإبعاد الحزن والحسرة قد يؤدي إلى ترسيخ الحزن وتحويله إلى إكتئاب مستعصي ، وفي الجانب الإجتماعي يظن الشاب أنه سكون أكثر قبولا ً بين الناس ، لكنه لا يستطيع إن يسيطر على التحول إلى حالة السكر في أية لحظة وما يصاحبها من أخطاء في التصرف والكلام والترنح في المشي ، وإلحاق الأذى بمكانته بين الناس والتصرفات الطائشة والتهور .

إن الكحول أحد المواد التي تؤدي للإدمان النفسي والجسدي ، إذ يلاحظ أن الاستمرار في الشرب يرافقه زيادة الكميات ، وتغيير المشروب إلى أصناف أقوى أي أكثر احتواءا ً على نسبة كحول ، ويستمر هذا بشكل تدريجي حتى تتضاعف الكمية عشرات المرات ويصبح الشرب متواصلاً منذ الصباح الباكر وحتى أخر الليل ، ويصبح الإنسان الكحولي أي المدمن على الكحول ، لا يتحرك من مكان إلى أخر ولا يزور أحد ولا يحضر حفلة إلا بعد التأكد التام من أن في جيبه أو دمه كميه تكفي من الكحول وإن لم يضمن ذلك ألغى تلك الزيارة أو امتنع عن حضور الحفلة ، والمشكلة الكبرى أن تصاعد كميات المشروب والإدمان يصاحبها إنكار شديد لوجود مشكله ، يدّعي معظم الكحوليين أن بإمكانهم إيقاف المشروب في أية لحظة يريدون ، و يؤكدون أنهم لم ولن يصلوا للإدمان عليه إطلاقاَ وكأن لهم حصانة خاصة ، وعندما يقتنعون بخلاف بهذه الفكرة يكونوا قد دمروا الكثير في داخلهم ومن حولهم ، وتبدأ أضرار الكحول بالخسائر المادية وضعف الإنتاج في العمل لتكرار الغياب وضعف التركيز والنسيان والإنعزال إجتماعياً ، فالكحولي لا يزور الأقارب وليس له أصدقاء إلا من شاركه الكأس ، وقد يصل به الإدمان على الكحول إلى مركز الأمن لمخالفته السير وإثارة الشغب والمشاكل أو السكر في الأماكن العامة . ويقترف الكحوليين نسبة أعلى من الجرائم ، تتأثر العلاقات الأسرية ويكون الطلاق وتشرد الأطفال مصير الكثير من الأسر ، وأما الأضرار الصحية فهي كثيرة من التهابات وقرحة المعدة إلى تليف الكبد وتلف الأعصاب الطرفية وضمور الدماغ والذي يؤدي في النهاية للخرف . وأثناء تعاطي الكحول يضطرب النوم والأكل وتتدهور الحالة النفسية وتزداد العصبية ويتكدر المزاج ، وقد تحدث هلاوس سمعية ويسمع المدمن ويرى أشخاص يتكلمون عنه ، وإذا حصل وأن انقطع بشكل مفاجئ عن المشروب تتهيج أعصابه ولا ينام ويرتعش ويهذي وقد تصل الحالة إلى الغيبوبة ونوبات الصرع نتيجة الإنسحاب ، ويكون جسمه نحيلاً ومقاومته للمرض ضعيفة على الأغلب . وغالباً أن الذي يتناول الكحول يدخن بشراهة أيضاً ويتناول القهوة بكميات كبيره مما يجعل حياتهم كلها تعاطي وصحتهم دائماً في تدهور .

وعلاج مدمني الكحول يبدأ أولاً بسحب الكحول من أجسامهم ويتم ذلك عاده في المستشفى ثم معالجة المضاعفات الجسدية والنفسية الناتجة عن الإدمان. وهذا العلاج لا يكون مثل أي مرض أخر إذ إن رغبة وموافقة وعزيمة المدمن لا بد من توفرها وإلا كان الجهد كله ضائع بلا فائدة ، بعد إنتهاء فترة الفطام وخروج المريض من الأعراض الجسدية والنفسية المختلفة لابد من فترة التأهيل ، وهذه الفترة قد تتراوح بين بضعة أسابيع وعدة شهور وذلك بناء على فترة الإدمان والدمار الذي حصل نتيجة له وبعض المدمنين بعد إنتهاء تأثير الكحول على أجسادهم يتبين إن لديهم تليف في الكبد أو مشاكل في الجهاز العصبي لابد من معالجتها معالجه طويلة ، وغالباً ما يظهر لديهم صعوبة في النوم والأرق والقلق وإكتئاب لابد لها من المعالجة الدوائية و النفسية والمدة التي تتطلبها حسب شدة الحالة ، و يتساءل البعض هل يعني ذلك أنه في كافة المجتمعات التي يسمح بها في تعاطي الكحول يكون كل من يشرب الكحول كحولياً ، والجواب قطعاً لا فالذي يشرب الكحول بشكل متقطعاَ وبكميات ثابتة ولا يصبح الكحول هاجسه الدائم يكون متعاطي للكحول و ليس مدمناً عليه .
د. وليد سرحان



هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق