رهاب الساح: الخوف من الأماكن المزدحمة



قد يصعب على الإنسان العادي المتمتع بالصحة النفسية والبدنية إن يفهم حالة رهاب الساح ، وهي أحد الحالات المعروفة في الطب النفسي وتصنف ضمن إضطرابات القلق وأسمها العلمي Agoraphobia ، وفي هذه الحالة يخاف المريض والأسواق والعمارات العالية ، وصالات الرياضة والسينما خصوصاً إذا أغلقت الأبواب ، ويخشى من إستعمال وسائل النقل العام ، وقد تلاحظ الحالة عند بعض ربات البيوت اللواتي يقنعن من حولهن إن الأمور تسير على ما يرام وأنهن لا يحبذن الخروج من البيت ذلك لعدم إرتياحهن والوقوف في الازدحام ، وعند الرجل الذي يجب عليه أن يصل إلى عمله ، تكون أكثر وضوحاً . ومع ذلك فقد يكتفي المدرس بترك التدريس وفتح بقاله بجانب البيت شريطه أن يقوم أبناءه بشراء البضاعة له من الأسواق ، ولا شك أن بعض الحالات من كلا الجنسين تصل تدريجياً إلى التزام البيت التزاماً تاماً وعدم مغادرته نهائياً وقد يستمر هذا سنوات طويلة .

إن الأصل في هذه الحالة هو الخوف غير المنطقي وغير المبرر من أشياء غير مخيفه ، والإعتقاد بأن شيئاً مرعباً وقاتلاً قد يحدث ، مثل والإعتقاد أنه سيفقد الوعي وسط الناس أو يتقيأ ، وهناك من يظن أنه سيختنق ويموت إذا ابتعد عن البيت مع علمه أن هذا ليس منطقياً ، أوأنه سيجن ويفقد السيطرة على نفسه ، وكلما حاول الخروج ، شعر بعدم توازن وهذا يؤيد مزاعمه بأن الموقف قد لا يحتمل للمغامرة ، وكلما استسلم الخائف لهذه الهواجس وابتعد عن مواقف قد تشعره بالخوف فإن دائرة الخوف تتسع وتعمم لتشمل كثير من الأشياء والأماكن والمواقف ، وإذا كان هناك من يساعد الخائف على تجنب مصادر الخوف ، كأن يرافق الزوج زوجته في كل مشوار ويخضع لمطالبها اللامنطقية في العودة للبيت من حفلة عرس الجميع فيها مبسوط ومحتفل ، وهناك الزوجة التي تقرر أن تعمل ويبقى زوجها بالبيت وتساعده على أن لا يغادر البيت ، وتختلق له الأعذار أمام الناس لعدم مشاركته في النشاطات الإجتماعية المختلفة . وقد تكون حالة الخوف هذه مستقلة لوحدها وتسمى رهاب الساح ، ولكن قد ترافقها حالات أخرى مثل نوبات الفزع والقلق العام و الإكتئاب أو الوسواس القهري أو الإضطرابات الذهانية في أحوال أخرى ، وعلاج هذه الحالة ليس صعباً ولأ مستحيلاً إذا تجاوب المريض مع المعالج ، فالعلاج السلوكي وهو برنامج من التعليمات التي تعطى للمريض وفيها يطلب منه القيام بالأشياء التي يخاف منها بالتدريج ، وثانياً العلاج النفسي وخصوصاً المعرفي التي يتم فيه مناقشة الإفتراضات الخاطئة التي يضعها المريض ويعممها ، وثالثاً العلاج بالعقاقير المضادة للخوف والإكتئاب ، وتعتبر هذه الحالات من أسرع الحالات في التحسن والتجاوب إذا تعاون المريض وإذا لم يتعاون فقد يصبح العلاج شبه مستحيل .

ولذلك لا يجب ترك الأمر يتفاقم و لابد من مساعدة الخائف بأن لا يعزل نفسه بل تشجيعه على مواجهة خوفه وإيصاله للعلاج كي لا تفوت سنوات عمره وهو يجلس على شباك غرفته يرى الحياة تمر وهو كالمراقب ، إن أكثر الحالات التي يمكن توقع فيها رهاب الساح هي إضطرابات الفزع والتي من الممكن إن تؤدي إلى رهاب الساح ولذلك إن نواجه الفزع بشكل صحيح من قبل المريض من الممكن أن يتجنب رهاب الساح و النقطة الهامة التي يجب أخذها من هذه التجربة بالنسبة للخوف هي قاعدة بسيطة إذ إن الخوف يعالج مبكراً ، بمواجهة الخوف وليس تجنبه لأن تجنبه سيرسخه ويجعله رهاباً وهذا أيضاً لابد إن يبدأ في مراحل الطفولة ومراحل العمر المختلفة حيث يُعرض الطفل إلى ما يتردد بالتعرض إليه أو يخاف منه بدل أن نجنبه هذا الموقف ويصبح رهاباً


د. وليد سرحان



هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق