أسوأ موقف واجهته المخابرات المركزية الأمريكية


من المؤكد، وفقاً للوثائق، أن أسوأ موقف واجهته المخابرات المركزية الأمريكية، منذ مولدها، بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، كان اكتشاف عملية تزوير وتزييف بيانات ذلك الجاسوس الغامض، الذي عرفوه باسم (جون كوبون).
فباستثناء صورته، لم تكن هناك معلومة واحدة حقيقية، في الملف السري الخاص له، والمفترض أنه محفوظ تحت درجة عالية من السرية، في قسم وثائق العملاء، في أعمق أعماق خزائن المخابرات!
ولأن الأمر، على هذا النحو، لا يحتمل الاخفاء أو التهوين، فقد تم عقد اجتماع عاجل ومحدود، يضم مدير المخابرات المركزية، و(سام بروديك) و(مايكل جوريل)، في مكتب الأول، وتحت اقصى درجات التأمين والسرية، حيث تفجر السؤال الرئيس المخيف:
كيف؟
كيف يمكن أن يحدث هذا، داخل قلعة يفترض مناعتها، مثل مبنى المخابرات المركزية الأمريكية؟!
وفي خزي واضح، أجاب (مايكل):
- من الجلي أن عملية تزييف البيانات هذه لم تحدث قريباً، ولا بعد اختفاء (كوبرن)، وإنما حدثت، كما يؤكد الخبراء، بعد عمل الملف بأيام قليلة، وربما قبل حفظه في قسم الوثائق.
بدا المدير شديد التوتر والعصبية، وهو يقول:
- إذن فقد كان يدرك أن أمره سينكشف يوماً، ولقد استعد لكل الاحتمالات، حتى لا يمكننا العثور عليه.
اندفع (سام) يقول في حدة:
- بل الأمر أكثر خطورة من هذا، فبعد دراسة عميقة، تبين لنا أن الفرصة الوحيدة، لتبديل بيانات الملف، كانت اثناء وجوده في قسم المراجعة، وبالتحديد بعد الانتهاء من مراجعة بياناته، وقبيل نقلها إلى قسم الوثائق والملفات السرية مباشرة ، والمدهش أن الملفات يتم حفظها، في تلك المرحلة، داخل خزانة منيعة، ذات أرقام سرية، في قسم المراجعة، ووصوله إليها يعني أنه قد اخترق ثلاثة نظم أمنية على الأقل، وتعامل مع خزانة، كنا نظنها كالحصن الحصين.
ثم التقط نفساً عميقاً، بعد أن أرهقه انفعاله الزائد، قبل أن يضيف، في عصبية بلا حدود:
- باختصار... نحن أمام رجل غير عادي، مما يضع أمامنا احتمالاً أكثر خطورة.
سأله المدير في حذر متوتر:
- مثل ماذا؟!
مال (سام) نحوه، وهو يجيب، بلهجة حملت كل انفعالاته:
- أن يكون جاسوساً سوفييتياً فوق العادة.
وعلى الرغم من ان المدير كان يتوقع مثل هذا الجواب، إلا أنه لم يكد يسمعه، حتى انتفض جسده كله في عنف، واتسعت عيناه عن آخرهما، وأصابته صدمة أشبه بالصاعقة، فانعقد لسانه لدقيقة كاملة، وهو يحدق في وجه (سام) قبل أن يتمتم بصوت مختنق:
- جاسوس سوفييتي؟!
تراجع (سام) وقال بصوت خافت، وقد أدرك ما فعلته كلماته بمديره:
- إنه مجرد احتمال.
رمق (مايكل) (سام) بنظرة متوترة، ثم قال في حسم:
- والبحث لم يؤكد هذا الاحتمال بعد.
اعتدل المدير بحركة حادة، قائلاً:
- ولكنه احتمال وارد...
ثم انعقد حاجباه في شدة، وهو يضيف في صرامة:
- وخطير إلى أقصى حد.
مط (مايكل) شفتيه، وقلب كفيه، وبدت عليه الحيرة، وهو يغمغم:
- الواقع يا سيدي أن...
لم يستطع إكمال عبارته، على الرغم من تطلع الرجلين إليه في اهتمام، فتراجع المدير مرة ثانية في مقعده، دون أن يرفع عينيه عن (مايكل)، ثم اشار إليه بيده، وهو يقول:
- اهدأ يا رجل، وأخبرني...
كيف كشفت هذا الأمر في البداية؟.
التقط (مايكل) نفساً عميقاً، وحاول الاسترخاء في مقعده، وهو يلتقط من حقيبته ملفاً صغيراً، ويجيب في اهتمام:
- لقد بدأ الأمر كله بصورة.
ارتفع حاجبا المدير، وهو يكرر في مزيج من الدهشة والاهتمام:
- صورة؟!
فتح (مايكل) الملف والتقط منه صورة، وضعها أمام المدير، وهو يجيب في حزم:
- نعم... هذه الصورة.
هبط المدير بعينيه إلى الصورة، ولم يكد بصره يستقر عليها،حتى هوت على رأسه صاعقة أكثر عنفاً، وعاد جسده ينتفض في قوة، وهو يحدق في وجه (كوبرن) الذي بدا واضحاً، على نحو لا يقبل الشك.
ولكن الواقع ان هذا الانفعال العنيف لم يكن بسبب الوجه فحسب...
لقد كان بسبب الزي الذي يرتديه في الصورة.
والشخص الواقف إلى جواره فيها أيضاً.
فالزي، كان زي ضباط الجيش النازي، أما الشخص الواقف إلى جواره،
فقد كان أخطر شخص عرفه العالم حتى ذلك الوقت وكان على وشك تدمير الإمبراطورية الأمريكية البريطانية، منذ سنوات قليلة مضت.
(هتلر)... (أدولف هتلر). .. شخصياً.



هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق