لأكثر من 40 عاما حتى الآن، تقوم اليونسكو بالاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية من خلال تذكير المجتمع الدولي بأن محو الأمية هو حق من حقوق الإنسان، وهي أداة من التمكين الشخصي ووسيلة لتحقيق التنمية الاجتماعية والبشرية، ولذلك يحتفل العالم غدًا باليوم الدولي لمحو الأمية 2013 تحت شعار " القراءة والكتابة للقرن 21".
وأشارت السيدة إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو في رسالتها بهذه المناسبة، إلى أن محو الأمية حق ومحرك أساسي للتنمية البشرية، وهو يفتح أبواب الاستقلالية واكتساب المهارات والتعبير الكامل عن الثقافة والمشاركة الكاملة في الحياة الاجتماعية، وعلي امتداد العقدين السابقين تراجعت نسبة الأمية في العالم بدفع من الجهود المبذولة على الصعيد الدولي والأهداف الإنمائية للألفية، ويعرف 84 % من سكان العالم اليوم القراءة والكتابة مقابل 76 % في عام 1990.
وأشارت بوكوفا إلى أنه على مدي 20 عامًا انخفض عدد الأميين في العالم بمقدار يفوق 100 مليون أمي، بيد أن هذا الانخفاض غير كاف فوراء هذه الأرقام ثمة أوجه تفاوت خطيرة لا تزال قائمة، وتشكل النساء ثلثي الكبار الأميين في العالم عددهم 774 مليون نسمة، كما تمثل الفتيات الغالبية العظمي من الأطفال والمراهقين غير الملتحقين بالمدارس ويستبعد من الالتحاق بالمدارس 57 مليون طفل في سن التعليم الابتدائي، و69 مليونًا في المستوي الثانوي.
وذكرت بوكوفا أن أولئك الذين تسنت لهم فرصة الالتحاق بالمدرسة فلا يغادرونها دومًا وهم يحسنون القراءة والكتابة، وحتي في البلدان المتطورة اقتصاديًا لا تتقن نسبة عالية جدًا من السكان الكفاءات الأساسية للقراءة والكتابة، ويمثل هذا الأمر عائقًا لا يستهان به يعترض سبيل إنماء الفرد إنماءً كاملًا وتنمية المجتمعات والتفاهم بين الشعوب. ومما يزيد هذا الوضع خطورة هو أن انتشار التكنولوجيات الجديدة ومجتمعات المعرفة الحديثة يجعل من إتقان الكتابة كفاءة لا غني عنها.
وأكدت بوكوفا أن محو الأمية أكثر بكثير من مجرد أولوية تعليمية، إنه استثمار في المستقبل بامتياز وأول مرحلة من مراحل اكتساب أشكال القراءة الجديدة في القرن 21، وإننا نصبو إلى تأسيس قرن يعرف فيه كل طفل القراءة ويستعمل هذه الميزة للارتقاء باستقلالية. وبمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية ندعو جميع الحكومات إلى أن تعمل معًا من أجل تحقيق هذا الحلم الذي يتطلب سبل تمويل جديدة وسياسات تصمم مع السكان المعنيين وأشكالًا جديدة من العمل تكون أكثر ابتكارًا وتستفيد استفادة كاملة من التكنولوجيات الجديدة، وتبرز أوجه التقدم المحرزة في السنوات القليلة الماضية أن تحقيق ذلك ممكن، وتتعهد اليونسكو ببذل كل المساعي لبلوغ هذا الهدف.
وتشير تقارير اليونسكو، إلى أن واحدًا من كل 5 أفراد في العالم أمي، وتعتبر اليابان رائدة في مجال محو الأمية، وهي المثال الساطع في عالم الجد والبحث والمثابرة والتقدم حيث لا يوجد أي أمي في اليابان، بينما هناك 230 مليون أمي في الصين تترواح أعمارهم بين 15 و40 سنة. و6 % من الأطفال في البوسنة لا يذهبون للمدارس، وما بين 60 إلى 70 مليون أمي في البلاد العربية، موزعين على الدول الـ 22، ولا تزال الأرقام مرتفعة رغم الإعلانات الحكومية عن إنقاذ المئات من براثن جهل القراءة والكتابة.
ويشير تقرير اليونسكو عن الأمية في العالم، إلى أنه لا يزال هناك 776 مليون أمي في العالم، تمثل النساء من بينهم نسبة 68 %، وهناك 75 مليون طفل لا يذهبون للمدارس. وتعرف الأمم المتحدة الأمية بأنها عدم القدرة على قراءة وكتابة جملة بسيطة بأي لغة، وبناء على هذا التعريف فإن 16% من عدد سكان العالم أميون.
تأتي البلاد العربية في مرتبة متأخرة كثيرا عن المعدل المتوسط في مجموعة البلدان النامية ولا سيما مصر والمغرب والجزائر واليمن، وهناك نحو 5 ملايين طفل عربي خارج مقاعد الدراسة رغم تفاخر هذه الدول بإلزامية التعليم فيها. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 50 دولة معظمها من دول أفريقيا جنوب الصحراء لن تفي بمطلب توفير فرص متساوية للجنسين في المدارس الابتدائية والثانوية بحلول الموعد المقرر وهو عام 2015.
وذكر تقرير لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "اليونيسيف"، أن 115 مليون طفل في أنحاء العالم بينهم 90 مليونا من الإناث لم يحصلوا على أي تعليم بالمدارس الابتدائية.
ففي اليمن لا تزال نسبة الأمية مرتفعة رغم الجهود التي تبذلها الحكومة، ففي فئة اليافعين والشباب انخفضت نسبة الأمية من 52.2 % عام 1994 إلى 45.7 % عام 2004 وهي تترواح اليوم بين 40% و35 %، أما لدى فئة الكبار فقد انخفضت النسبة إلى 39 % بمعدل 62.1 % بين النساء و29.8 % في أوساط الرجال.
وعلى الرغم من انطلاق جهود محو الأمية في مصر منذ سنة 1976 فإن عدد الأميين بلغ 17 مليونا حاليا بينما كان 14 مليونا فقط سنة 1976، ولا تزال الفئة العمرية بين 15 و45 سنة هي المستهدفة ببرامج محو الأمية، ما يعني أن الظاهرة تحولت إلى مأساة وأن الخطر أكبر من الوسائل المعتمدة والميزانيات المخصصة للقضاء على هذه النقيصة الثقافية والاجتماعية والحضارية بشكل عام.
كانت الجهود أثمرت عن محو أمية 4.5 ملايين أمي في مصر حسب التقارير الرسمية، الأمر الذي جعل مصر تحتل مواقع متأخرة في تقرير التنمية البشرية الصادر عن الأمم المتحدة إذ جاءت في المركز 119 دوليا، وتعتبر مصر ضمن أول 9 دول من حيث عدد الأميين في العالم وتبلغ نسبة الأمية فيها وفق المصادر الرسمية التي أشرفت عليها منظمة اليونسكو 28.6 %.
كما تراجعت نسبة الأمية في المغرب في الحقبة الأخيرة بين صفوف الفئة العمرية التي تزيد على 10 سنوات إلى 38،5 % بعد أن كانت 43% سنة 2004، وقد أظهرت دراسة مغربية حول محو الأمية أن 15 % من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و14 سنة لا يذهبون بانتظام إلى المدارس، وقد أطلقت الحكومة برنامجا لتعليم مليون شخص لتقليص الأمية إلى أقل من 20% بحلول 2010 ومحاولة القضاء عليها نهائيا بحلول 2015. كذلك لا تزال الجزائر تعاني من هذه الظاهرة البغيضة حيث تبلغ نسبة الأمية في حدود 22،1 % العمرية من 10 سنوات فما فوق.
أما في تونس ورغم مرور أكثر من 50 سنة على الاحتلال الفرنسي المباشر، فإن الحكومة هناك تشير إلى أنها تسعى لتخفيض نسبة الأمية من 27 إلى 20 %، ولم تبدأ خطة محو الأمية سوى في سنة 2004، وحسب المصادر الرسمية التونسية هناك 91 ألف أمي في 4 آلاف مركز لمحو الأمية يشرف عليها 1895 مدرسا بينهم 1410 حاملا لشهادة تعليمية، وتأمل الأوساط التونسية أن تنخفض نسبة الأمية إلى أقل من 10 %. وتعتبر نسبة الأمية في السودان مرتفعة حيث تصل إلى أكثر من 50 % وكانت نسبة الأمية سنة 2003 61،1 % من مجموع الشعب السوداني.
وفي صفوف الشباب، الذين يعرف عنهم هنا بالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عامًا، فإن نسب محو الأمية غالبًا ما تكون أكثر ارتفاعًا بالقياس مع سائر المجموعات السكانية لدى الكبار، ففي إيران على سبيل المثال يبلغ الفرق في نسب محو الأمية بين الشباب والكبار 20%، ونمت نسبة محو الأمية لدى الشابات على نحو أسرع من النسب لدى الشباب خلال التسعينات في مجمل البلدان تقريبا. كما أن ظاهرة الأمية منتشرة في الغرب أيضا ولكن بمستويات منخفضة جدا.
وتشير الإحصاءات إلى أن هناك 3 ملايين فرنسي أمي. وفي الولايات المتحدة الأمريكية هناك ما بين 15 و40 مليون أمي حسب المصادر المختلفة، ويشار إلى أن ملايين الأميركيين لا يستطيعون ملء استمارة الالتحاق بوظيفة أو كتابة شيك مصرفي أو قراءة جريدة، وتشير الإحصاءات إلى أن 60 % من المساجين في الولايات المتحدة أميون.
0 التعليقات:
إرسال تعليق