لماذا تطورت اليابان وتايوان وهونغ كونج وسنغافورة بينما بقيت الفلبين فقيرة؟




بعد الحرب العالمية الثانية، اعتبرت الفلبين ثاني أغنى بلد في شرق آسيا، خلف اليابان. مع ذلك، في الستينيات بدأ تفوقها الاقتصادي في التراجع. ركد الاقتصاد في ظل ديكتاتورية فرديناند ماركوس، حيث ولد النظام سوء الإدارة الاقتصادية والتقلبات السياسية. عانت البلاد من بطء النمو الاقتصادي ونوبات من الركود الاقتصادي. لم يبدأ الاقتصاد في الانتعاش حتى التسعينات مع برنامج التحرير الاقتصادي.



أثرت الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 في الاقتصاد، مما أدى إلى تراجع قيمة البيزو وهبوط سوق الأسهم. لكن وعلى الرغم من شدة الأزمة فإنها لم تتأثر بها بشدة كبقية الدول الآسيوية المجاورة. يعزى ذلك إلى حد كبير إلى المحافظة المالية للحكومة، وذلك جزئيا نتيجة لعقود من الرصد والرقابة المالية من قبل صندوق النقد الدولي، بالمقارنة مع الانفاق الهائل من قبل جيرانها على النمو الاقتصادي المتسارع.



إن الانعتاق من دائرة الاعتمادية أقرب إلى المستحيل بالنسبة إلى العديد من الفلبينيين، إذ إن فرص الأعمال وأدوات الادخار التي تولّد عائدات جيدة معدومة تماما، لأن نمو الفلبين متدن بدرجة مؤلمة كما يقول الخبراء الاقتصاديون.



 ويبلغ متوسط النمو 3.5 في المائة فقط منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، وهو الأدنى وسط نظيراتها في رابطة أمم جنوب شرق آسيا (آسيان). وعادة تفتح عائلات العاملين في الخارج محلات صغيرة في زوايا الشارع أو يشترون مركبات يقومون بتأجيرها، ولكن هذه الأعمال الصغيرة لا تدر غالبا دخلا يكفي لتلبية الضرورات اليومية للعائلة، كما يقول أفرين كروز، مستشار التمويل الشخصي: "الأمر الجيد أنهم يرغبون في الاستثمار، ولكن التفكير ينصب على حجم صغير للغاية." ويضيف: "وبالتالي لن يصبحوا على الإطلاق أشخاص يتمتعون بالاكتفاء الذاتي بالفعل، وسينتهي بهم المطاف إلى مغادرة البلاد بحثاعن العمل مرة أخرى".





لأنه بسبب انعدام الوظائف ذات الأجور الجيدة داخل الوطن، فإن العائد من تعليم أفضل لا يساوي المخاطر والتضحيات التي يقدمها الفرد من أجل دفع نفقاته. الواقع أن نحو 10 في المائة من البالغين في عمر العمل عاطلون، بينما تحت سن التوظيف 23 في المائة، الأعلى في عقدين وفقا للمكتب الوطني للإحصاءات.



وعلى الأقل فإن مليوني طفل فلبيني ينشأون في غياب أحد الوالدين أو كلاهما، وذلك وفقا لأستاذة العمل الاجتماعي، مالو ألسيد التي تقول: "في الوقت الذي يثمن فيه الأطفال المنافع المادية للهجرة، فإنهم يقرون بأن المال لا يمكن أن يعوضهم حنان وإرشادات الأبوة، فالبعض منهم يقع في صحبة الأشرار، يدمنون المخدرات أو الزواج في أعمار دون الرشد".



ولا حتى التدفقات تكون ثابتة دائما، فإن الرجال العاملين في الخارج، على وجه الخصوص، يقفون غالبا من إرسال الإعانات المالية لأسرهم إذا تورطوا في علاقة جديدة. وتشير ألسيد إلى أن عددا متناميا من زوجات الفلبينيين العاملين في الخارج يسعين للحصول على مساعدة الحكومة أو المجموعات غير الربحية من أجل الضغط على أزواجهن لإرسال الدعم المالي لهن.



ويقول علي من بنك التنمية الآسيوي إنها تستحق كل هذا العناء: "عندما يضطر الناس للانتقال من بلد إلى آخر لأسباب اقتصادية، فهناك عنصر خطير للمأساة الإنسانية, الآلام، المعاناة والمذلة التي تصاحبها، التي تشكل هذا الجزء من القصة الذي يتعذر نسيانه".



ويختتم علي حديثه قائلا: "إنك تحل المشكلة أينما تكون. الناس يتنقلون لأن الدول تخلت والحكومات تخلت عن مواطنيها. إن صمام التنفيس هذا يخفف كثيرا من الضغوط التي تنادي بالإصلاح والضغوط لتوفير وضع أفضل".



هل أعجبك الموضوع ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق